وقوله ـ قبل أن ينزغ الشّيطان بينه وبين بدر بوطويرق ـ :
ثلاث الله جمعهم في كمال الكمال
كفى بها : بدر ، والدّمنه ، وباهي الجمال
يريد بالدّمنة : بورا.
وفي طرف بور الشّرقيّ جامع كبير ، بناه سيّدنا علويّ بن عبيد الله بن أحمد بن عيسى [١] ، وقد ارتفعت عليه الأرض فصاروا لا ينزلون إليه إلّا بدرج ، ولكنّهم بنوا عليه مثاله ، وبقي القديم مطمورا بالتّراب من سائر جهاته ، إلّا من جهة درجه الّذي ينزلون منه إليه ، وحفر على قريب منه بئرا طواها بالحجارة ، الّتي كتب اسمه على كلّ حجر منها ، تسمّى الآن : بير الأعمش ، ومن خصائصها : أنّ الاغتسال فيها مجرّب لحمّى الرّبع [٢]
وقد عرف ممّا سبق في الغرفة وسيئون أنّ ولاية بور كانت لآل باجمّال ، ثمّ انتزعها منهم آل بانجّار الكنديّون ، أو المذحجيّون على اختلاف الأقوال فيهم.
ولمّا جاءت سنة (٧٢٣ ه) .. هجم آل كثير على بور واستولوا عليها ، وقتلوا جماعة من آل بانجّار ، منهم أربعة ولدوا في يوم واحد ، واختتنوا في يوم واحد ، وختموا القرآن في يوم واحد ، وشرعوا يصلّون في يوم واحد.
وكانت بور قاعدة ملك آل كثير برهة من الزّمن ، وهذا ممّا يتأكّد به أنّ سيئون كانت خرابا ، وإنّما تجدّدت عمارتها شيئا فشيئا ، أكثرها في القرن العاشر.
ولمّا ضعف أمر آل كثير ببور ، واشتدّت الفوضويّة فيها وفي أعمالها .. سعى آل بور وآل باجري في استقدام الحبيب أحمد بن علويّ العيدروس [٣] ، وأقاموه منصبا
[١] وهو الملقب عند أهل الطبقات من النسابين بالمبتكر ، لأنه ابتكر له اسم (علوي) ولم يكن معروفا في آبائه من قبل ، وهو جد بني علوي قاطبة ، توفي حدود الأربع مئة وقبر بسمل الواقعة على ثلث مرحلة من تريم.
[٢] هي الحمّى التي تأتي يوما وتغيب يومين وتعود في الرابع.
[٣] هو السيد الحبيب أحمد ـ الملقب المحتجي أو المحتجب ـ بن علوي ، من ذرية الشيخ عبد الله العيدروس. كان مولده ببور ، وبها وفاته.