للنّفس ، إلّا أنّ والدي كان أجود وأسمح ، وأنصح وأفصح ، وأرأف وأعطف ، وأظرف وألطف.
وكان سيّدي عبد الله بن حسن البحر على قريب من تلك الحال ، بل هو أندى بنانا ، وأشجع جنانا ، وأكثر ضيفانا ، وأطول قياما وركوعا ، وأغزر بكاء وخشوعا ، إلّا أنّ والدي كان أكثر علما وأغزر فهما ، وأبلغ لسانا ، وأفصح بيانا ، وأحلى لفظا وأنجع وعظا.
ولقد أشهدت منهما مشهدا عجيبا بمنزل سيّدي الفاضل محمّد ابن الأستاذ الأبرّ المسمّى : باوعيل في شرقيّ تريس سنة (١٣١٨ ه) ، تذاكرا فيه أحوال الإمام البحر والأستاذ الأبرّ وشدّة خوفهما من الباري عزّ وجلّ ، وفرط انكسارهما بين يديه ، وجرى لهما مثل ما جرى لابن المنكدر وأبي حازم ؛ فقد ذكر غير واحد أنّ ابن المنكدر صلّى وبكى ، ففزع أهله حتّى استعانوا بأبي حازم .. فقال له : ما الّذي يبكيك حتّى رعت أهلك؟
قال : مرّ بي قوله تعالى : (وَبَدا لَهُمْ مِنَ اللهِ ما لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ) فصعق أبو حازم واشتدّ بكاؤهما ، فقال بعض أهل ابن المنكدر لأبي حازم : جئنا بك لتفرّج عنه فزدته. فقريب من ذلك جرى لوالدي مع القانت الأوّاب البحر يومئذ ، وكانا جاءا للترويح .. فعادا في مأتم.
وعلى الجملة : فقد كان كثير ممّن أدركناهم وأخذنا عنهم على غرارهم ، وشريف آثارهم ؛ كسادتي : عبد الله بن عمر بن سميط ، المتوفّى بشبام سنة (١٣١٣ ه). وأحمد بن محمّد الكاف ، المتوفّى بتريم سنة (١٣١٧ ه). وعبد الرّحمن بن حامد السّقّاف ، المتوفّى بسيئون سنة (١٣١٦ ه). والشّيخ عمر عبود بلخير ، المتوفّى بالغرفة في حدود سنة (١٣١٦ ه). وعبد الرّحمن بن محمّد المشهور ، المتوفّى بتريم سنة (١٣٢٠ ه).
والشّيخ أحمد بن عبد الله بن أبي بكر الخطيب ، المتوفّى بتريم سنة (١٣٣١ ه). والشّيخ محمّد بن أحمد قعيطبان ، المتوفّى بها سنة (١٣١٦ ه). والشيخ أحمد بن