وكان آل منيباري أهل نجدة ، حتّى إنّه لا يقوم ليافع أحد من آل كثير سواهم ، فكانوا يحسبون لهم ألف حساب.
وإليهم وإلى آل عبد الله بن سعيد بن جعفر بن طالب كان مرجع آل كثير في عظيمات الأمور ، وكانوا كما قال الشّريف الرّضيّ [من الطّويل] :
مليّون في يوم القضاء إذا انتدوا
بجدع القضايا من أنوف المظالم
وإن منعوا النّصف .. اقتضوه وأفضلوا
على النّصف بالأيدي الطّوال الغواشم
وكان لهم حصن في نخيل سيئون في شمالها ، بنوه في أيّام يافع بعكر البارود [١] ، في الوقت الّذي نهضوا فيه ببناء حصن العوانزه ، فآل كثير ساعدوا العوامر على بناء حصن العوانزه ، والعوامر ساعدوا آل كثير في بناء حصن آل منيباري المسمّى حصن العجوز ، وكانت يافع تمنعهم عن بنائه ، حتّى لقد أصلحوا اللّبن لبنائه ، فمرّ عليه أحد آل باعطوه وقال :
يا المدر يا المدر با تبتني وين عادك
تبتني تبتني مالين إلّا سرادك
عادنا انفعك في مضواك ولّا برادك
فهيّج آل كثير بذلك ، فحالفوا العوامر ، وتمّ ما أرادوا.
وكان هذا الحصن بلاء على الدّولة الكثيريّة ؛ إذ لا ينجم بينهم أدنى حادث إلّا رابطوا فيه ، وأطلقوا الرّصاص منه على ضواحي سيئون وجانبها الغربيّ ، فانقطعت الأسباب ، وتعطّلت المعايش.
وكان السّيّد حسين بن حامد حريصا على محالفتهم ؛ لقبضهم بالمخنق في سيئون ، وما زال يكاتبهم ويخاطبهم في ذلك حتّى استقدمهم هم وآل جعفر بن بدر إلى المكلّا ، وهناك تمّ الحلف بينهم ، وفي وثيقته المحرّرة بتاريخ (١٢) محرّم سنة (١٣٣٣ ه) ، عاهد آل منيباري وآل جعفر بن بدر على أنّهم عيال الدّولة وأولاده ،
[١] هي كلمة تقال لغرض الأمر بالقوة ؛ أي : ابتنوه على الرغم من يافع .. فهو مدح لهم بالشجاعة.