وكما كانت حضرموت مضرب المثل في البعد .. فكذلك كانت مضربه في أمور كثيرة ، منها كما في «الأصل» :
ـ الجمال.
وحسبك شاهدا عليه ما جاء في كتابه 6 لوائل بن حجر من وصف أقيال حضرموت بالمشابيب [١] ، ومعناه كما في «التّاج» وغيره : الرّؤوس الزّهر الألوان [٢] ، كأنّما أوقدت وجوههم بالنّار ؛ لحسنها وإشراقها.
ومعلوم أنّ وفد كندة استجهروا النّاس بجمالهم وحسن شارتهم ، وأنّ عليهم من الحبرات ما شبّب ألوانهم [٣].
وذكر المبرّد : أنّ الأشعث بن قيس من النّفر الّذين فرعوا [٤] النّاس طولا وجمالا ، وكان من مقبّلي الظّعن [٥].
وذكر أيضا قول أبي دهبل [من مجزوء الكامل] :
أعرفت رسما بالنّجي
ر عفا لزينب أو لساره
لعزيزة من حضرمو
ت على محيّاها النّضاره
وروى الجاحظ : أنّ حضرميّة ـ وكانت من آيات الله جمالا ـ تجرّدت أمام زوجها ، وقالت : ما ترى في خلق الرّحمن من تفاوت ، فقال لها : أرى فطورا ، فاستحيت.
وقال امرؤ القيس [في «ديوانه» ١٤١ من الطّويل] :
تنوّرتها من أذرعات وأهلها
بيترب أدنى دارها نظر عالي
[١] عند ما أسلم وائل بن حجر .. كتب له رسول الله صلى الله عليه وسلم عدّة كتب ، فكتب كتابا إلى أقيال ـ ملوك ـ حضرموت ، فقال صلى الله عليه وسلم : «اكتب يا معاوية ، إلى الأقيال العباهلة ، والأرواع المشابيب».
[٢] في المخطوط : (الرؤوس الأعيان). والتصحيح من «تاج العروس».
[٥] الظّعن ـ جمع ظعينة ـ يقال : فلان مقبّل الظعينة ؛ أي المرأة في هودجها وجملها قائم ، وهذا يعني أنه فارع الطول ، وقد نعت بذلك جماعة في الجاهلية وصدر الإسلام.