في سنة (١٣٠٧ ه) ممتّعا بالحواسّ والقوّة والعلم ، ولم يبق ممّن ذكر فيها سواه ، يخرج بمكتله صباح كلّ يوم إلى حقله فيؤدّي ما تعهّد به من الخدمة والتّنقية وإثارة الأرض على الثّيران ، ثمّ يرجع ويتنظّف ويجلس في مجلس القضاء ؛ لأنّه عليه بالهجرين وما قاربها منذ زمن بعيد.
وفيها جماعات من آل العطّاس [١] ، وآل الحامد ، وآل باسلامة [٢] ، وكثير من السّوقة.
ولا يزيد سكّانها عن ألفين وخمس مئة تقريبا ، وفي تربتها من لا يحصى من الصّالحين والعلماء.
وكانت ولاية الهجرين لآل محفوظ الكنديّين ، وهم من ذرّيّة آل جعفر الّذين امتدحهم الشّيخ عليّ بن عقبة الخولانيّ [٣] أثناء القرن السّابع بقصيدته السّائرة ، الّتي تعدّ ـ ولا سيّما أبياتها السّتّة ـ غرّة في جبين الشّعر العربيّ ، وهي [من الكامل] :
أصبرت نفس السّوء أم لم تصبري
بيني ومن تهوين يوم المحشر
إنّي امرؤ عفّ الإزار عن الخنا
لم أغش منذ نشأت باب المنكر
[١] ومن السادة آل العطاس بها : الحبيب أحمد بن عبد الله بن طالب العطاس من ذرية الحبيب علي بن حسن ، ولد بالهجرين سنة (١٢٥٥ ه) ، وتوفي بجاوة ببلدة فكالونفن ـ باكلنقان ـ سنة ١٣٤٧ ه ، كان من العلماء الدعاة ، مهابا جليلا ، له ذرية لا تزال بالهجرين.
[٢] منهم الأمير الحسين باسلامة ، الذي كان حاكما على ذمار من قبل أئمة صنعاء ، توفي سنة (١٣٥٠ ه) ، أفرده المؤرخ محمد بن علي الأكوع بكتاب سماه : «حياة عالم وأمير» مطبوع.
ومن آل باسلامة جماعة في سيئون ، فيهم العلماء والصالحون ، ومن مشاهيرهم : العلامة المؤرخ حسين عبد الله باسلامة المكي صاحب «تاريخ الكعبة» ، و «تاريخ مكة» ، ولد بمكة سنة (١٢٩٩ ه) ، وبها توفي سنة (١٣٥٦ ه). «الأعلام» (٢ / ٢٤٢).
ومن فخائذهم : آل التّوي باسلامة ـ والتوي على وزن قصي ـ يسكنون مدينة شبام ، ومنهم جماعة بالحوطة ، لهم مكارم أخلاق ، وبنى بعضهم مدرسة بشبام في مطلع القرن المنصرم.
[٣] هو الشيخ الشاعر علي بن عقبة بن أحمد بن محمد أبو الحسن الزيادي ثم الخولاني ، قال عنه بامخرمة : كان فقيها فاضلا لا سيما في علم الأدب ، كان يقدم على المظفر الرسولي وله منه رزق يعتاده. اه وله ابن هو محمد ، توفي سنة (٧١٠ ه) ، «تاريخ الحامد» (٦٥٠ ، ٧٩٦).