حصن لهم بالضّليعة ـ بلغهم خلوّه من السّكّان ـ وكانوا استعدّوا بكثير من الماء والزّاد والعتاد ، فتسوّروا الحصن ، ولمّا بدر لهم المطلوب .. أطلقوا عليه الرّصاص ، فخرّ صريعا لليدين وللفم [١] ، ولكنّهم لم يقدروا على الهرب ، وتضرّر كلا الطّرفين : آل باصليب بالانحصار في الحصن ، والدّيّن بانكشاف مواضع تصرّفهم لبنادق آل باصليب ، حتّى توسّط بعض المناصب ، وبعد أن طالت المراجعة في الارتجاز ـ الّذي لم يرض الخروج صلحا بدونه آل باصليب ـ سمحوا لهم به ، فقال شاعرهم :
ومن أخبارهم : أنّ السّيّد محمّد بن عمر بن علويّ باعقيل استجار بالدّيّن ، هاربا من السّيّد حسين بن حامد المحضار ، فبذلوا له الأمان ، وهم : آل بامسدوس ، وآل الهميم ، والمشاجرة.
ولمّا جدّ الجدّ .. قال له الأخيرون : لا نجيرك من الدّولة ، وأمّا ممّن دونهم .. فنعم.
وأمّا آل بامسدوس [٤] ورئيسهم سالم بن عليّ باغشمي .. فثبت مع باعقيل ، فلم يكن من السّيّد حسين بن حامد إلّا أن زحف عليهم بعسكر من جند القعيطيّ يتألّف من ألفين وأربع مئة ، على رأسهم أخوه السّيّد عبد الرّحمن بن حامد ومحمّد بن عمر بن أحمد باصرّة ، فتقدّمت العساكر إلى مكان يقال له : الأبيضين ، وإلى مكان آخر يقال له : وليجات ، ودام الحرب نحوا من شهرين ، حملت فيه العساكر القعيطيّة على آل
[١] لليدين وللفم : كلمة تقال عند الشّماتة في إنسان. والأصل في هذا المثل : أنّ سيّدنا عمر بن الخطّاب رضي الله عنه أتي بسكران في شهر رمضان ، فتعثّر بذيله ، فقال سيّدنا عمر رضي الله عنه : لليدين وللفم ، أولادنا صيام ، وأنت مفطر!! ثم أمر به فحدّ. وأراد : على اليدين والفم ؛ أي : أسقطه الله عليهما.
[٢] باروتهم : بارودهم ؛ أي : علا في الجو دخانه متراكبا.
[٤] البامسدوس : مشايخ قبائل الدّيّن ، ويقال لمنطقتهم ريدة بامسدوس ، وهي ضمن الدّيّن. وكانوا يتوارثون الزّعامة على الدّيّن. من فروعه : بلّحمر ، باغشمي ، بامكراب.