قال أبو الرّيحان البيرونيّ في القانون المسعودي [٢] : الرّوم والهند أصدق سائر الأمم عناية بهذه الصناعة ، ولكنّ الهند لا يبلغون غاية اليونانيين فيها ، فيعترفون [لهم][٣] بالتقدّم ولمثله نميل إلى آرائهم ونؤثرها ، فأمّا الهند ففي كتبهم أنّ نصف كرة الأرض ماء ونصفه طين يعنون البرّ والبحر ، وأن على ترابيع خطّ الاستواء أربعة مواضع هي جمكوت الشّرقيّ والرّوم الغربيّ وكنك الذي هو القبّة وسابور [٤] المقاطر لها ، فلزم من كلامهم أنّ العمارة في النصف الشّماليّ بأسره ، وأمّا اليونانيون فقد أنقطع العمران في جانبهم ببحر أوقيانوس ، فلما لم يأتهم خبر إلّا من جزائر فيه غير بعيدة عن السّاحل ، ولم يتجاوز المخبرون عن الشّرق ما يقارب نصف الدور جعلوا العمارة في أحد الرّبعين الشّماليين لأن ذلك موجب أمر طبيعي ، فمزاج [٥] الهواء في مدار واحد لا يتباين [٦] ولكن أمثاله من المعارف موكول [٧] إلى الخبر من جانب الثّقة ، فكان الربع دون النصف هو ظاهر الأمر والأولى بأن يؤخذ به إلى أن يرد لغيره خبر طارىء ، وطول العمارة على ذلك أوفر من عرضها [٣٦ ب] لتعطّل العمارة في الشّمال بالبرد [٨] عند ثلثي ربع الدور بالتقريب ، والهند سمّوا برّ الأرض بلغتهم سلحفاة من أجل إحاطة الماء بحواشيه وبروزه مقبّبا منه وخاصّة إذا اعتقدوا أنّ هذا البارز نصف [٩] كرة يعلوه