نام کتاب : مجموعة نفيسة في تاريخ الأئمة نویسنده : مجموعة من العلماء جلد : 1 صفحه : 259
الفصل الثامن و العشرون: في غزوة تبوك
ثمّ كانت غزوة تبوك،
فأوحى اللّه عزّ اسمه إلى نبيّه 6 أن يسير إليها بنفسه
و يستنفر النّاس للخروج معه، و اعلمه أنّه لا يحتاج فيها إلى حرب، و لا يبلى بقتال
عدوّ، و إنّ الأمور تنقاد له بغير سيف، فلمّا أراد النّبيّ 6 الخروج، استخلف أمير المؤمنين 7 في أهله و ولده و أزواجه و
مهاجره، و قال له: «يا علي إنّ المدينة لا تصلح إلّا بي أو بك، فاستخلفه استخلافا
ظاهرا، و نصّ عليه بالإمامة من بعده نصّا جليّا، و ذلك فيما تظاهرت به الرّواية
إنّ أهل النّفاق لمّا علموا باستخلاف رسول اللّه 6
عليّا 7 على المدينة حسدوه لذلك و عظم عليهم مقامه فيها بعد خروج
النّبيّ 6، و علموا أنّها تتحرّس به و لا يكون فيها
للعدوّ مطمع، فساهم ذلك، و كانوا يؤثرون خروجه معه لما يرجونه من وقوع الفساد و
الاختلاط عند نأي النّبيّ 6 عن المدينة و خلوّها من
مرهوب مخوف يحرسها، و غبطوه 6 على الرّفاهيّة و الدّعة[1] بمقامه في
أهله، و تكلّف من خرج منهم المشاقّ بالسّفر بالخطر، فارجفوا به 7 و
قالوا: لم يستخلفه رسول اللّه 6 إكراما له و إجلالا و
مودّة، و إنّما خلّفه استثقالا له، فبهتوا بهذا الارجاف كبهت قريش للنّبيّ 6 بالجنّة تارة، و بالشّعر أخرى، و بالسّحر مرّة، و
بالكهانة أخرى، و هم يعلمون ضدّ ذلك و نقيضه، كما علم المنافقون ضدّ ما أرجفوا به
على أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه و خلافه، و أنّ النّبيّ 6 كان أخصّ النّاس بأمير المؤمنين 7 و كان هو أحبّ النّاس إليه، و
أسعدهم عنده، و أفضلهم لديه، فلمّا بلغ أمير المؤمنين 7 أرجاف
المنافقين أراد تكذيبهم و إظهار فضيحتهم، فلحق بالنّبيّ 6، فقال له: «يا رسول اللّه إن المنافقين يزعمون أنّك إنّما خلّفتني استثقالا و
مقتا فقال له النّبيّ 6: «ارجع يا أخي إلى مكانك، فإنّ
المدينة لا تصلح إلّا بي أو بك، فأنت خليفتي في أهلي و دار هجرتي و قومي، أما ترضى
أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبيّ بعدي».
فتضمّن هذا القول من
رسول اللّه 6 نصّه عليه بالإمامة، و إبانته