نام کتاب : سر الأسرار و مظهر الأنوار فيما يحتاج إليه الأبرار نویسنده : الجيلاني، عبد القادر جلد : 1 صفحه : 88
يَعْمَلُونَ (17)
[السّجدة: الآية 17] و لا عمل بعد العبادات الخمس و ترك الذنوب، و لا أجمع و لا
أعظم و لا أشرف و لا أحب إلى اللّه عزّ و جلّ، و لا أرضى عنده مما ذكرنا لك،
وفّقنا اللّه و إياك لما يحبّ و يرضى بمنّه.
المقالة الخامسة و العشرون في شجرة الإيمان
قال رضي اللّه عنه و أرضاه: لا تقولنّ يا فقير اليد، يا مولّي عنه
الدنيا و أبناؤها، يا خامل الذكر بين ملوك الدنيا و أربابها، يا جائع يا نايع يا
عريان الجسد يا ظمآن الكبد يا مشتتا في كل زاوية من الأرض من مسجد و بقاع خراب، و
مردودا من كل باب، و مدفوعا عن كل مراد، و منكسرا و مزدحما في قلبه كل حاجة و مرام.
إن اللّه تعالى أفقرني و ذوى عني الدنيا و غرّني، و تركني و قلاني و
فرّقني و لم يجمعني و أهانني و لم يعطني من الدنيا كفاية، و أخملني و لم يرفع ذكري
بين الخليقة و إخواني، و أسبل على غيري نعمة منه سابغة يتقلب فيها في ليله و
نهاره، و فضله عليّ و على أهل دياري و كلانا مسلمان مؤمنان و يجمعنا أبونا آدم و
أمّنا حوّاء 8، أما أنت فقد فعل اللّه ذلك بك، لأن طينتك حرة و ندى
رحمة اللّه متدارك عليك من الصبر و الرضا و اليقين و الموافقة و العلم و أنوار
الإيمان و التوحيد متراكم لديك، فشجرة إيمانك و غرسها و بذرها ثابتة مكينة مورقة
مثمرة متزايدة متشعّبة غضّة مظلّلة متفرعة، فهي كل يوم في زيادة و نموّ، فلا حاجة
بها إلى سباطة و علف لتنمى بها و تربى، و قد فرغ اللّه عزّ و جلّ من أمرك على ذلك،
و أعطاك في الآخرة دار البقاء و خوّلك فيها، و أجزل عطاءك في العقبى مما لا عين رأت
و لا أذن سمعت و لا خطر على قلب بشر. قال اللّه تعالى:
فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما
كانُوا يَعْمَلُونَ (17) [السّجدة: الآية 17] أي ما عملوا
في الدنيا من أداء الأوامر، و الصبر على ترك المناهي، و التسليم و التفويض إليه في
المقدور، و الموافقة له في جميع الأمور. و أما الغير الذي أعطاه اللّه عزّ و جلّ
الدنيا و خوله و نعمه بها و أسبغ عليه فضله فعل به ذلك، لأن محل إيمانه أرض سبخة و
صخر لا يكاد يثبت فيها الماء و تنبت فيها الأشجار، و يتربى فيها الزرع و الثمار
فصبّ عليها أنواع سباطه و غيرها مما يربى به النبات و الأشجار، و هي الدنيا و
حطامها ليحفظ بها ما أنبت فيها من شجرة الإيمان و غرس الأعمال، فلو قطع ذلك عنها
لجفّ النبات و الأشجار، و انقطعت الثمار، فخرجت الديار، و هو عزّ و جلّ مريد
نام کتاب : سر الأسرار و مظهر الأنوار فيما يحتاج إليه الأبرار نویسنده : الجيلاني، عبد القادر جلد : 1 صفحه : 88