نام کتاب : سر الأسرار و مظهر الأنوار فيما يحتاج إليه الأبرار نویسنده : الجيلاني، عبد القادر جلد : 1 صفحه : 73
الجزاء من الثواب و العقاب، و امتثل أمر
اللّه فيهم، و خلص قسمك منهم بأمره و لا تجاوزه فحكم اللّه قائم بحكمه عليك و
عليهم؛ فلا تكن أنت الحاكم، و كونك معهم قدر و القدر ظلمة فادخل بالظلمة في
المصباح و هو كتاب اللّه و سنة رسوله صلى اللّه عليه و سلم، لا تخرج عنهما فإن خطر
خاطر أو وجد إلهام فاعرضه على الكتاب و السنة، فإن وجدت فيها تحريم ذلك مثل أن
نلهم بالزنا و الرياء و مخالطة أهل الفسق و الفجور و غير ذلك من المعاصي، فادفعه
عنك و اهجره و لا تقبله و لا تعمل به، و اقطع بأنه الشيطان اللعين و إن وجدت فيها
إباحة كالشهوات المباحة من الأكل أو الشرب أو اللبس أو النكاح فاهجر أيضا و لا
تقبله، و اعلم أنه من إلهام النفس و شهواتها و قد أمرت بمخالفتها و عداوتها و إن
لم تجد في الكتاب و السنة تحريمه و إباحته، بل هو أمر لا تعقله مثل السائق لك، ائت
موضع كذا و كذا، الق فلانا صالحا، و لا حاجة لك هناك و لا في الصالح لاستغنائك عنه
بما أولاك اللّه من نعمته من العلم و المعرفة، فتوقف في ذلك و لا تبادر إليه فتقول
هذا إلهام من الحق جل و علا فاعمل به بل انتظر الخير كله في ذلك و فعل الحق عزّ و
جلّ بأن ينكر ذلك الإلهام و تؤمر بالسعي، أو علامة تظهر لأهل العلم باللّه عزّ و
جلّ يعقلها العقلاء من الأولياء و المؤيدون من الأبدال، و إنما لم يتبادر إلى ذلك
لأنك لا تعلم عاقبته و ما يتول الأمر إليه، و ما كان فيه فتنة و هلاك و مكر من اللّه
و امتحان فاصبر حتى يكون هو عزّ و جلّ الفاعل فيك، فإذا تجرد الفعل و حملت إلى
هناك و استقبلتك فتنة كنت محمولا محفوظا فيها، لأن اللّه لا يعاقبك على فعله و
إنما تتطرق العقوبة نحوك لكونك في الشيء، و إن كنت في حالة الحقيقة و هي حالة
الولاية فخالف هواك و اتبع الأمر في الجملة.
و اتباع الأمر على قسمين: أحدهما أن تأخذ من الدنيا القوت الذي هو حق
النفس و تترك الحظ، و تؤدي الفرض و تشتغل بترك الذنوب ما ظهر منها و ما بطن.
و القسم الثاني ما كان بأمر باطن، و هو أمر الحق عزّ و جلّ، يأمر
عبده و ينهاه، و إنما يتحقق بهذا الأمر في المباح الذي ليس له حكم في الشرع على
معنى ليس من قبيل النهي و لا من قبيل الأمر الواجب، بل هو مهمل ترك العبد يتصرف
فيه باختياره فسمي مباحا فلا يحدث العبد فيه شيئا من عنده بل ينتظر الأمر فيه،
فإذا أمل امتثل فتصير حركاته و سكناته باللّه عزّ و جلّ ما في الشرع حكمه فبالشرع
و ما ليس له حكم في الشرع فبالأمر الباطن فحينئذ يصير محقّا من أهل الحقيقة، و ما
ليس فيه أمر باطن فهو مجرد الفعل حالة التسليم. و إن كنت في حالة حق الحق و هي
حالة المحو و الفناء
نام کتاب : سر الأسرار و مظهر الأنوار فيما يحتاج إليه الأبرار نویسنده : الجيلاني، عبد القادر جلد : 1 صفحه : 73