نام کتاب : سر الأسرار و مظهر الأنوار فيما يحتاج إليه الأبرار نویسنده : الجيلاني، عبد القادر جلد : 1 صفحه : 54
و الخيل آت أيضا منها آلة الجهاد الأصغر و
الأكبر. فكلّ ذلك للآخرة، و في الحديث: «أنّ الغنم خلق من عسل الجنّة، و البقر من
زعفرانها، و الإبل من نورها، و الخيل من ريحها»[1]
و أمّا البغل فهو من أدنى صفة المطمئنة من رآه في المنام فتعبيره أن يكون الرّائي
كسلا في العبادة، و ثقلا في القيام و القعود، و لا يكون لكسبه نتيجة في الحقيقة
إلّا التّوبة: ... وَ عَمِلَ صالِحاً فَلَهُ جَزاءً
الْحُسْنى ... [الكهف: الآية 88].
و الحمير من حجارتها لأجل مصلحة آدم عليه الصّلاة و السّلام و ذرّيته
لكسب الآخرة في الدّنيا.
و أمّا ما يتعلّق منها بالرّوح فكالشّابّ الأمرد، تتجلّى عليه
الأنوار الإلهية؛ لأنّ أهل الجنّة كلّهم على هذه الصّورة كما قال رسول اللّه 6:
«أهل الجنّة جرد مرد كحل ...»[2]
الحديث. و كما قال رسول اللّه 6: «رأيت ربّي بصورة
شابّ أمرد»[3]. قال
بعضهم: المراد من هذه الصّورة تجلّي الحقّ بصفة الرّبوبيّة على مرآة الرّوح، و هو
الّذي يسمّونه طفل المعاني؛ لأنّه مربّ الجسد، و وسيلة بينه و بين الرّبّ. و قال
أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب كرّم اللّه وجهه: «لو لا المربي لما عرفت ربّي»، و
هذا المربي مربي الباطن، و هو إنّما يحصل بسبب تربية مربّ ظاهريّ بالتّلقين،
فالأنبياء و الأولياء مربو القوالب و مربو القلوب ما يحصل من تربيتهم من لقاء
الرّوح الآخر كما مرّ، كما قال اللّه تعالى:
... يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ
عِبادِهِ ... [غافر: الآية 15]. و طلب المرشد لأجل هذا الرّوح الّذي يحيى به
القلب و يعرف به ربّه فافهم.
قال الإمام الغزاليّ رحمة اللّه عليه: يجوز أن يرى الرّبّ في المنام
على صورة جميلة أخرويّة على هذا التّأويل المذكور. قال: لأنّ مثل المرئيّ مثال ما
يخلقه اللّه تعالى على قدر استعداد الرّائي و مناسبته، و ليس الحقيقة الذّاتيّة؛
لأنّ اللّه تعالى منزّه عن الصّورة، أو يرى بذاته في الدّنيا كرؤية النّبيّ 6 و على هذا القياس يجوز أن يرى في صورة مختلفة على قدر
مناسبة استعداد الرّائي، و لا يرى الحقيقة المحمّديّة إلّا الوارث الكامل في عمله
و علمه و حاله و بصيرته، ظاهرا و باطنا، لا في حاله. و كذا في شرح المسلم: يجوز
رؤية اللّه تعالى في الصّورة البشريّة النّورانيّة على التّأويل المذكور. و القياس
على تجلّي كلّ صفة على هذا النّهج كما