نام کتاب : سر الأسرار و مظهر الأنوار فيما يحتاج إليه الأبرار نویسنده : الجيلاني، عبد القادر جلد : 1 صفحه : 502
المبحث الثامن: قول الجيلي في آخر حكايته
لمجاهداته رضي اللّه عنه ما نصه، فبرئت أدواء النفس، و مات الهوى و أسلم الشيطان.
اه.
- إسلام الشيطان هنا إذعانه و تسليمه للإمام الجيلي و إلقاؤه السلاح،
فلا يتعرض له بحال لإياسه منه لقول الشيطان كما حكى اللّه تعالى عنه في القرآن
العظيم إلا عبادك منهم المخلصين، و قال تعالى:
إِنَّ عِبادِي [الحجر: الآية 42] أي المخلصين،
لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ [الحجر: الآية 42].
فإن قيل لم لم تفسر إسلام الشيطان هنا بالإسلام الذي هو الإيمان، و
هو ممكن حيث المراد به قرين الواحد من المؤمنين، و الدليل عليه أن شيطان النبي صلى
اللّه عليه و سلم، أسلم كما ورد في الحديث الشريف و ما صح معجزة يصح كرامة.
قلت: تحرير المسألة في إسلام شيطان النبي صلى اللّه عليه و سلم أن
لفظ الحديث كما رواه مسلم و أحمد عن ابن مسعود أن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال:
«ما منكم من أحد إلّا و قد وكل به قرينه من الجن و قرينه من الملائكة، قالوا: و
إياك، قال: و إياي. إلّا أن اللّه أعانني عليه فأسلم فلا [51/ ق] يأمرني إلّا
بخير»[1] فوقعت
الرواية بفتح الميم و ضمها في قوله فأسلم، و معنى رواية الضم فأسلم أنا من فتنته و
كيده، و الذي رجحه عياض و النووي فتح الميم و هو المختار و فسر بأنه آمن لقوله:
فلا يأمرني إلا بخير، و قد صرح به حديث ابن عباس كما رواه البزار أن النبي صلى
اللّه عليه و سلم قال: «فضلت على الأنبياء بخصلتين كان شيطاني كافرا فأعانني اللّه
عليه، فأسلم، قال: و نسيت الأخرى»[2].
فهذا الحديث نص في إيمانه و هو دليل على إمكان إيمان الشيطان القرين
المؤمن، لكن قوله صلى اللّه عليه و سلم: «فضلت على الأنبياء»، بكذا هو الذي صدني
عن تفسير إسلام الشيطان في كلام الإمام الجيلي بالإيمان، فتفسير أسلم في هذا
المبحث بالتسليم أسلم و اللّه أعلم. إلى هنا انتهى بنا الكلام بعون ذي الجلال و
الإكرام، و قد حالت أعذار بمدة بين تأليفه و تبييضه حتى اشتاقت الأصحاب إلى
إتمامه، و كاتبوني عليه من أفاضل الزمان و إعلامه، و ممن خاطبني نظما تحريضا على
ذلك صاحبنا العالم الفصيح البارع الشيخ السيد محمد الكيلاني ابن الولي الكامل
الشيخ سيدي
[1] - رواه مسلم( 4/ 2167، 2168)، و أحمد في المسند( 1/
257، 385)، و الشاشي في مسنده( 2/ 251)، و الطبراني في الكبير( 12/ 110)، و
الأوسط( 3/ 93)، و الضياء في المختارة( 9/ 547)، و ابن خزيمة في صحيحه( 1/ 330).