نام کتاب : سر الأسرار و مظهر الأنوار فيما يحتاج إليه الأبرار نویسنده : الجيلاني، عبد القادر جلد : 1 صفحه : 485
و إذا عرفت أن كلا من الجيلي و أبي السعود و
اغل في العبودية الكاملة و التفويض إلى اللّه، فما بقي إلا أن تقول فلم دخل أبو
السعود خدر الخمول و لم يدخله الجيلي.
فالجواب: كما قاله الحاتمي و اللفظ له: أن أصحاب المقام الذي فيه
الشيخان مكّن الحق لهم التصرف و التصريف في العالم لا أمرا لكن عرضا، فمنهم جماعة
تركوه فلبسوا الستر و دخلوا في سرادقات الغيب، و استتروا بحجب العوائد و أزموا
العبودية و الافتقار، و كان أبو السعود منهم و لو أمر بالتصرف لامتثل الأمر هذا من
شأنهم.
و أما عبد القادر فالظاهر من حاله أنه كان مأمورا بالتصرف، فلهذا ظهر
عليه و هذا هو الظن بأمثاله. اه. فهل يعد هذا كله يظن أن الحاتمي يقصد تنقيص مقام
الجيلي كما فهمه هذا الجاهل الحسود.
و أما ما نقله المعترض عن الجواهر و الدرر للشعراني من مواضع زاعما
أنه نصه فلا أصل لذلك، و قد تتبعت كتاب الجواهر و الدرر الذي هو يناهز نحو الثلاثمائة
صفحة، و تصفحت جميع مسائله المرة بعد المرة احتياطا، فلا رائحة لذلك الكلام إلا في
محل واحد لم يعين به قوله: قدمي هذه ... الخ، و لا نفى وقوع الإذن للجيلي في
الإدلال بل سلمه و لا ذكر التصريف رأسا فضلا على نفي الإذن فيه، و نسختي عتيقة
مقابلة بالكتابة عليها منتسخة من الأصل الذي عليه خطوط مشايخ الإسلام كالناصر
اللقاني، و الشهاب الفتوحي الحنبلي و غيرهما، و دونك نص المحل المشار إليه بحروفه
بعد نقله أعني الشعراني عن الخواص النهي عن الانبساط و الزهو و الحض على مراعاة
العبودية بالذل و الافتقار، قال: قلت له قد نقلوا عن سيدي عبد القادر رضي اللّه
عنه ما لا يحصى من الإدلال و الافتخار، فقال: قد نقلوا أن ذلك كان بإذن في سره من
الحق، ثم مع ذلك فقد بلغنا أنه لما حضرته الوفاة. قال لهم: ضعوا خدي على الأرض فإن
هذا هو الحق الذي كنا عنه في غفلة، فتمم اللّه عليه أمره قبل خروجه من الدنيا، و
لقي اللّه تعالى بوصف الذل و الانكسار، و هذه من عناية اللّه بأصفيائه فاعلم ذلك.
اه. أرجع إلى ما نقله المعترض زاعما أنه من الجواهر و قابله بما هنا يتبين لك ما
عنده من السفه، و التحري بالعجرفة و قول الجيلي: كنا عنه في غفلة هو محض تواضع من
باب قول البوصيري:
و
لا تزوّدت قبل الموت نافلة
و
لم أصل سوى فرضي و لم أصم
نام کتاب : سر الأسرار و مظهر الأنوار فيما يحتاج إليه الأبرار نویسنده : الجيلاني، عبد القادر جلد : 1 صفحه : 485