نام کتاب : سر الأسرار و مظهر الأنوار فيما يحتاج إليه الأبرار نویسنده : الجيلاني، عبد القادر جلد : 1 صفحه : 38
الفقراء»[1]،
و قال رسول اللّه 6: «الفقر فخري»[2]،
و المراد من الفقر الفناء في اللّه، لا يبقى في نفسه لنفسه شيء، و لا يسع في قلبه
غير اللّه و حبّه كما قال اللّه تعالى في الحديث القدسيّ: «لا يسعني أرضي و لا سمائي
و لكن يسعني قلب عبدي المؤمن»[3]- أي:
المؤمن الّذي صفا قلبه من الصّفات البشريّة، و خلا من الأغيار فوسع الحقّ جلّ
جلاله في قلبه بالعكس.
قال أبو يزيد البسطاميّ قدّس اللّه سرّه: لو أنّ العرش و ما حواه
ألقي في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحسّ به، فمن أحبّ هؤلاء المحبّين فهو معهم
في الآخرة، و علامة حبّهم حبّ صحبتهم، و الاشتياق إلى اللّه و لقائه كما قال اللّه
تعالى في الحديث القدسيّ: «ألا طال شوق الأبرار إلى لقائي، و إنّي لأشدّ شوقا
إليهم»[4].
و أمّا لباسهم فعلى ثلاثة أوجه: صوف الغنم للمبتدىء، و صوف المعز
للمتوسّط، و صوف المعز للمنتهي و هو الصّوف المربّع.
قال صاحب تفسير المجمع: يليق بالزّهاد كلّ خشن من الملبس و المطعم و
المشرب، لأنّهم أهل الابتداء. و يليق بالعرفاء الواصلين كلّ ليّن منها.
فعمل المبتدىء متلوّن بالحميدة و بالذّميمة. و عمل المتوسّط متلوّن
بألوان الحميدة مثل نور الشّريعة و الطّريقة و المعرفة، فلباسهم متلوّن مثل البياض
و الزّرقة و الخضرة. و عمل المنتهي خال عن الألوان كلّها مثل نور الشّمس، فنورها
لا يقبل الألوان، و كذا لباسهم لا يقبل الألوان مثل السّواد، و هو علامة الفناء، و
هو نقاب نور معرفتهم كما أنّ اللّيل نقاب نور الشّمس، و قد قال اللّه تعالى: ... يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ ...
[الأعراف: الآية 54]، و كما قال اللّه تعالى:
وَ جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِباساً (10) [النّبأ: الآية 10] و
فيه إشارة لطيفة لمن له لبّ.
و أيضا يكون أهل القربة في الدّنيا في سجن و غربة و غمّ و غصّة و
محنة و شدّة و ظلمة كما قال رسول اللّه 6: «الدّنيا
سجن المؤمن»[5].
[1] - لم أقف عليه بهذا اللفظ، و روى ابن ماجه نحوه(
4121).