نام کتاب : سر الأسرار و مظهر الأنوار فيما يحتاج إليه الأبرار نویسنده : الجيلاني، عبد القادر جلد : 1 صفحه : 278
و شخصت نهايات معارف الممالك تلمح أثرا تألق
لها بارق من الأزل مبرقع بنقاب الكمال عن نقائص التشبيه فلم يستطع مجاوزة سناه و
محقت مداركها و انفصالات قواها في اتصال أوصاف القدم بنعوت الأبد اتصال لم يزل غير
مسبوق باتصال و لا صائر إلى انفصال و بدت من جناب القدس الأشرف هيبته تميت العلل و
انفراد يمنع التعدد و وجود يحيل الحد و جلال ينفي الكيف و كمال يسقط المثل و وصف
يوجب الوحدة و قدرة يبسط الملك و مجد يستنفد المحامد و علم يحيط بما في السموات و
ما في الأرض و ما بينهما و ما تحت الثرى و ما في قعر البحار و منبت كل شعرة و شجرة
و مسقط كل ورقة و عدد الحصى و الرمال و مثاقيل الجبال و مكاييل البحار و أعمال
العباد و آثارهم و أنفاسهم و هو بابن من خلقه لا يخلو مكان من علمه فرجعت ليس لها
علم سوى التصديق بأحديته و الإقرار أنه الأول لقدم أزليته و الآخر لبقاء أبديته و
لا كيف و لا مثل يدخلان في صمديته تعرف إلى خلقه بصفاته ليوحدوه و ليثبتوا وجوده
لا ليشبهوه و الأيمان يثبتها بعلم اليقين تصديقا و الاطلاع على علم تحقيقها لا
مجال للعقل في إدراكه و كل ما حكاه الوهم أو جلاه الفهم أو يخيله العقل أو يصوره
الذهن فعظمة اللّه تعالى و جلاله و كبرياؤه بخلاف ذلك هو الأول و الآخر و الظاهر و
الباطن و هو بكل شيء عليم.
و قال رضي اللّه عنه في خلق الآدمي
ما أعجب خلقة هذا البشري و ما أعذب حكمة الصانع فيها تبارك و تعالى
ملك بعقله لولا اتباع هواه لطيف المعنى لولا كثافة طبعه كنز استودع غرائب أسرار
الغيب و جوامع أصناف العيب وعاء مليء نورا و ظلمة إهاب ستر عروس الروح فيه بأستار
الصور عن عيون الأغيار عجيبة جلّا جمالها القدر على عباده الملائكة في حلل، و لقد
كرمنا بني آدم في مجلس و فضلناهم العقل فيه إشارة إلى كونه من عالم الغيب و
الشهادة حملت أصداف الهياكل درر الأرواح في أبحر الوجود على سفن العلم ليكمل به
ضياء نور اليقين فسارت بريح الروح إلى خزائن المجاهدة و وقف سلطان العقل فيه بإزاء
سلطان الهوى و تقابلا و تقاتلا في فضاء صدره و كانت النفس من أخص جنود سلطان الهوى
و الروح من أشرف جنود سلطان العقل فأذن مؤذن الحكم بينهم يا خيل اللّه اركبي و يا
كتائب الحق ابرزي و يا جنود الهوى تقدمي فكل يريد نصرة حزبه و كل يحاول قهر خصمه
فقال: التوفيق لهما بلسان سابق الغيب من نصرته كانت الغلبة معقودة براياته و من
أعنته كان السعيد في الدنيا و الآخرة و من كنت معه لم أفارقه حتى أوصله إلى مقعد
صدق التوفيق هو حسن نظر الحق سبحانه و تعالى لوليه بعين رعايته
نام کتاب : سر الأسرار و مظهر الأنوار فيما يحتاج إليه الأبرار نویسنده : الجيلاني، عبد القادر جلد : 1 صفحه : 278