نام کتاب : سر الأسرار و مظهر الأنوار فيما يحتاج إليه الأبرار نویسنده : الجيلاني، عبد القادر جلد : 1 صفحه : 127
فالتناول المحض و التلبس بما يفتح من النعم
من غير اعتراض أحد الأشياء الثلاثة و هي حقيقة الفناء، فيكون المؤمن فيها محفوظا
من الآفات و خرق حدود الشرع مصانا مصروفا عنه الأسواء، كما قال اللّه تعالى: كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَ الْفَحْشاءَ إِنَّهُ مِنْ
عِبادِنَا الْمُخْلَصِينَ [يوسف: الآية 24] فيصير العبد
مع الحفظ عن خرق الحدود كالمقرض إليه المأذون له و المطلق له في الإباحات الميسر
له الخير، ما يأتيه قسمه المصفى له من الآفات و التبعات في الدنيا و الآخرة، و
الموافق لإرادة الحق و رضاه و فعله و لا حالة فوقها و هي الغاية، و هي السادة
الأولياء الكبار الخلص أصحاب الأسرار، الذين أشرفوا على عتبة أحوال الأنبياء صلوات
اللّه عليهم أجمعين.
المقالة الثانية و الستون في المحبة و المحبوب و ما يجب في حقهما
قال رضي اللّه عنه و أرضاه: ما أكثر ما يقول المؤمن قرب فلان و بعدت،
و أعطى فلان و حرمت، و أغنى فلان و أفقرت و عوفي فلان و أسقمت، و عظم فلان و حقرت،
و حمد فلان و ذممت، و صدق فلان و كذبت. أما يعلم أنه الواحد. و أن الواحد يحب
الوحدانية في المحبة، و يحب الواحد في محبته.
إذا قربك بطريق غيره نقصت محبتك له عزّ و جلّ و شعبت فربما دخلك
الميل إلى من ظهرت المواصلة و النعمة على يديه، فتنقص محبة اللّه في قلبك، و هو
عزّ و جلّ غيور لا يحب شريكه فكف أيدي الغير عنك بالمواصلة و لسانه عن حمدك و
ثنائك و رجليه عن السعي إليك كيلا تشتغل به عنه، أما سمعت قول النبي صلى اللّه عليه
و سلم: «جبلت القلوب على حب من أحسن إليها»[1]
فهو عزّ و جلّ يكفّ الخلق عن الإحسان إليك من كل وجه و سبب حتى توحّده و تحبه، و
نصير له من كل وجه بظاهرك و باطنك في حركاتك و سكناتك، فلا ترى الخير إلا منه و لا
الشر إلا منه عزّ و جلّ، و تفني عن الخلق و عن النفس، و عن الهوى و الإرادة و
المنى، و عن جميع ما سوى المولى، ثم يطلق الأيدي إليك بالبسط و البذل و العطاء، و
الألسن بالحمد و الثناء فيدللك أبدا في الدنيا ثم في العقبى، فلا تسيء الأدب،
[1] - رواه البيهقي في شعب الإيمان( 1/ 381)،( 6/ 481)،
و القضاعي في مسند الشهاب( 1/ 350)، و الحكيم فى النوادر( 1/ 149).
نام کتاب : سر الأسرار و مظهر الأنوار فيما يحتاج إليه الأبرار نویسنده : الجيلاني، عبد القادر جلد : 1 صفحه : 127