و أظهروا خواص الأشياء التي يتعجب منها
عوامّ الناس؛ و ليعلموا أن اللّه تعالى لم يوجد شيئا باطلا كما قال سبحانه: «و ما
خلقنا السماوات و الأرض و ما بينهما لاعبين، ما خلقنا إلّا بالحق».
فإذا تأملت هذه الحكمة، و تدبّرت هذه الصّنعة، و عرفت هذا السر، و
اطّلعت على حقيقة هذا السحر الذي يسحر العقول، و بانت لك الأشياء بحقائقها، و
تعلّمت كيف تسحر من هو من الناس، و تبيّن لك ما خفي عن غيرك من الغافلين من الأمور
الإلهية، فانتبه أيها الأخ من نوم الغفلة و رقدة الجهالة، و أيقظ من قدرت عليه من
الغافلين ليحصل لك النفع العاجل و الخير الواصل في الدين و الدنيا. بلّغك اللّه
تعالى، أيها الأخ البارّ الرّحيم، منازل الأخيار المصطفين، و رقّاك إلى منازل
الملائكة المقرّبين، و أيدك اللّه و إيانا بروح منه و جميع المؤمنين برحمته آمين.
هذه الدائرة و عدّتها ثمان و عشرون منزلة التي ذكرها صاحب الاسطيطاس
ذكرناها في هذه الرسالة التي هي من جنسها، و نريد أيضا أن نذكر طرفا من النّيرنجات
المعينة على ما يراد منها فما وجدناها في كتاب هرمس المثلّث بالحكمة فإنه قال- بعد
تقسيم القمر و سيره- إن النجوم السبعة قد تقسّمت للتدابير بروحانيتها و مسيرها في
الطوالع الاثني عشر، و ذكر أن القسمة الأولى لم تبطل و لم تنتقص، و أنه الأصل في
القسمة الأولى، غير أن هذه الروحانيات اللاتي هي السبع قد ضربت الاثني عشر
بقسمتها، و غلبت عليها روحانيتها، و قسمتها بالدقائق و الثواني و التسديس و
التربيع و التثليث و المقابلة و المقارنة، و ألحقتها بتدبيرها في المواليد خاصّة و
ثمار الأعمار مما ينقص من هذه القسمة في منازل القمر و مسيره؛ و ذلك أن القمر هو
السعد الثاني، و مسيره أسرع النجوم مسيرا في منازله، و أقدر أن يبلغ بروحانية جميع
النجوم بسرعة حركته.
و ذكر أيضا في كتابه أنه ليس من حكيم إلّا و هو محتاج إلى معرفة هذه