منهم واحدا و يلقيه إلى بلده كما فعل به. و
أما أولئك القوم فبعد ما اختطفه الطير من بينهم جعلوا يبكون عليه محزونين على
فراقه، لأنهم لا يدرون ما فعل الطير به، و لو أنهم علموا بحاله و ما صار إليه
لتمنوا ما تمنى لهم أخوهم.
فهكذا ينبغي أن يكون اعتقاد إخوان الصفاء فيمن قد سبقته المنيّة قبل
صاحبه، لأن الدنيا تشبه تلك الجزيرة، و أهلها يشبهون تلك القردة، و مثل الموت كمثل
ذلك الطير، و مثل أولياء اللّه كمثل القوم الذين كسر بهم المركب، و مثل دار الآخرة
كمثل تلك المدينة التي خرجوا منها. فهذا اعتقاد إخواننا الكرام في معاونتهم في
الدنيا، و ما يعتقدون فيمن سبقته المنية قبل إخوانه.
فانتبه أيها الأخ من نوم الغفلة و رقدة الجهالة، فإن الدنيا دار غرور
و محن، و لا يرغب العاقل الخلود في دار الحزن و البلاء، وفّقك اللّه و إيانا و
جميع إخواننا إلى السّداد، و هداك و إيانا و جميع إخواننا سبيل الرشاد.
تمت رسالة في بيان اعتقاد إخوان الصفاء و مذهب الربّانيين، و يليها
رسالة في كيفية عشرة إخوان الصفاء و تعاون بعضهم مع بعض