كان لنا صديق من فضلاء الناس و خيارهم من إخواننا، و كان يستعين في
معيشته بصناعة النجوم، فحضرته يوما و قد جاءه رجل فجلس عنده، و قال له:
قد جئتك لتخبرني عما في نفسي، فأخذ الطالع و قوّمه و جوّد الحساب، و
أحسن العمل، و صدق العلم، و أصاب الحكم، فقال له: تسأل عن شيء سرق.
قال: نعم ما هو؟ فأخبره عن جنسه. فقال: كم هو؟ فأخبره عن كمّيته.
قال: فمن أخذه، و هل الآخذ له ذكر أم أنثى، حرّ أم عبد؟ فذكره، فقال:
كم سنّه؟ فذكره، فقال: أين ذهب؟ فأخبره، فقال: كيف هو؟
فأعلمه، فمضى في طلبه ثم عاد و قد أصاب، فدفع إليه شيئا صالحا
فاستحسنت هذا منه، رأيته سحرا مليحا، و رأيت منفعة عاجلة، و الظفر به مليحا، و
الحكم به مستحسنا. فسألته أن يفيدني بذلك، ففعل فكان بهذا محرّضا على طلب هذا
العلم و الحرص في بلوغ غايته و الوصول إلى نهايته، فبلغت من ذلك بحسب التوفيق.
و أريد أن أذكر لك هذا الباب فإنه لا غنى لك و لا لأحد من إخواننا،
أيّدهم اللّه، عنه، و هو مذكور في كتب أحكام النجوم و جميع ما ذكرناه آنفا.
و كل ذلك فمن الحكماء أخذناه، و عنهم رويناه، و كل منهم كذلك حتى
يكون الأصل فيه المؤيّدون بالوحي السماوي و التنزيل الربّاني و الأمر العلويّ.