و اعلم يا أخي، أيدك اللّه و إيانا، أنما أخبرناك بهذا لكي تستدل به
على غيره، و لتعلم أن جميع الأمور في عالم الكون و الفساد صغيرها و كبيرها، و
دقيقها و جليلها، بتقدير فلكي و أمر سماوي، و كلها مسطور في كتاب مبين، فمن أحسن
قراءته، أحاط بمعرفتها كلها، و تشوقت نفسه الصعود إلى عالم الأفلاك وسعة السماوات،
و دار الحيوان، و فسحة الرضوان، و روضة الجنان، دار الرّوح و الريحان.
فصل في صدق الأخبار و كذبها
فإن أردت معرفة ذلك، فانظر إلى الدليل و هو القمر، فإن اتصل بكوكب في
وتد فالخبر حقّ، و إن اتصل بكوكب ساقط فهو باطل، و بالضدّ من ذلك.
فصل
و اعلم يا أخي، أيدك اللّه و إيانا بروح منه، أنك و جميع إخواننا
محتاجون إلى المعرفة بهذه الأمور لتكونوا أغنياء بما في أنفسكم من المعارف و
العلوم عن لحاجة إلى من لا يعرف قدركم، فيكون له الفضل عليكم إذ قد جهلتم ما قد
علمه، و احتجتم فيه إليه، و ليس هذا صفة إخواننا الفضلاء، لأنهم لا يرضون لأنفسهم
الجهل، و لم يستقروا أو يطمئنوا إلّا بعد الاجتهاد و السعي في الإحاطة بكلية
العلوم بحسب الطاقة. فلما بلغوا إلى ما احتاجوا إليه و إلى معرفته منها،