و اعلم أيها الأخ، أيدك اللّه و إيانا بروح منه، أن اللواء الذي يعقد
للنبي و الإمام، صلوات اللّه عليهم، هو يكون بعلم هو أعلى من هذا و أوضح.
و ذلك أنه عقد بقصد التأييد و موافقة التسديد، و لا يعقده النبيّ و
الإمام إلّا لمن يكون منه بالمنزلة التي يستحق بها ميراث ذلك العلم، مثل عقد رسول
اللّه، صلى اللّه عليه و سلم، الراية، قال لأصحابه: «لأعطينّ الراية غدا رجلا يحبّ
اللّه و رسوله و يحبّه اللّه و رسوله، كرّارا غير فرّار لا يرجع حتى يكون الفتح
على يديه» و كان ذلك كذلك؛ و مثل الوقت الذي أخرجه فيه إلى شيطان الأحزاب، و ما
أتبعه به من الدعاء المستجاب في الوقت الذي ينبغي ذلك فيه، و بمثل هذا العلم يكون
لك المعرفة بأفعال الأنبياء و الأئمة و ما يعلمون من أعمالهم لأصحابهم و من
يتبعهم، فإنهم يعطون لكل واحد منهم من ذلك ما يستحقه من منزلته، و يصدر عنه من
فضيلته عندهم و كرامته لديهم، و يزيد ذلك و ينقص بحسب ما يرون له من الصلاح في
ذلك.
و لما ذكرنا أنّا نورد من مستحسن هذه الصناعة و غرائب عجائبها و
لطائف أسحارها، ذاكرناك بهذا الفصل و هو علم غريب و سحر عجيب، إذا أردت المضيّ أنت
أو من يتفق له ذلك من إخوانك أو من سألك عن حال دعوة أو وليمة قد دعي إليها و يريد
المضيّ إليها كيف يكون حاله و صفة المجلس و من يحضر و ما يحضر فيه من الطعام و
الشراب و الندماء، و كيف صاحب الدعوة، و ما صفة جميع ما هم فيه؟ فابدأ بالقول عليه
و الحكم بما نبيّن لك في هذا الفصل.