روحانياتها، كما أيّد اللّه سبحانه سليمان
بن داود بالملكيّة، و سخّر له الجنّ و الإنس و الطير و الوحش؛ و كما أيّد موسى،
7، بكلامه، و أمره حتى قهر فرعون و أهل مملكته، و رجال دولته، و استجاب
له سحرته و هم أصحاب النجامة و الكهانة في زمانه، و هم الذين كانوا يدبّرون له
ملكه بما وقفوا عليه و وصلوا بعلمهم إليه؛ فلما رأوا من موسى، 7، ما
بهرهم نوره، و لم يروا في علمهم أن عمله يبطل، و لا أن ما يأتي به يتعطّل، و أن
جميع ما هم فيه من أمر فرعون زائل مضمحلّ؛ و رأوا أن السعادات قد انصرفت مسخّرة
بأجمعها لموسى و هارون، 8، قالوا: «آمنّا برب العالمين رب موسى و
هارون»؛ و أن التأييد الكليّ و الأمر الإلهيّ هو مصرّف تلك السعادات إلى موسى و
أخيه استجابوا له و خضعوا عنده.
و كذلك حال نبينا محمد، صلى اللّه عليه و سلم، لما صرف اللّه تعالى
التأييد إليه، و أنزل الوحي عليه، خضعت له الملوك، و استجابت له الكهنة و
المنجّمون، و هم الذين عندهم علم من الكتاب، و آمنوا به و صدّقوا بمبعثه، و كان هو
المدبّر لهم و الحاكم عليهم، و لم يحتج إلى تدبيرهم، و كان يأتيهم بما ليس عندهم،
و بما يخرج عن وسع طاقتهم، و آتاهم من علم الفلك و أخبار السماء بما لم يصلوا إليه
و لا قدروا عليه. فلما رأوا ذلك علموا و تحققوا أن تأييده إلهيّ و حكمته ربّانية،
و أن الأمر الذي ألقي إليه من فوق الأفلاك و من أعلى السماوات فإنه يلقى العرش المحيط
و الكرسيّ الواسع.
فهذه صفة الولاية العظيمة و الخلافة الكبيرة التي هي خلافة اللّه
تعالى، و المستخلف بها هو النبي، صلى اللّه عليه و سلم، في زمانه، و بهذا العقد
يكون من استخلفه النبي، 7، من بعده إذا مضى إلى ربه، عزّ اسمه.
و هذه الولاية المخصوصة لأهل بيت الرسالة، :، لا يحتاجون
فيها إلى مدبّرين غيرهم، و إلى علماء سواهم، و لا يطّلع الناس على أسرارهم،