و حملة العرش أجمعين، و عرفت أحوالهم و تبين
لها سرورهم و ملاذّهم و نعيمهم، فتشوقت نحوها و رغبت فيها، و حرصت على طلبها، و
زهدت في نعيم أبناء الدنيا و الكون في عالم الأجساد، و تركت طلب شهواتها
الجسمانيّة، و أعرضت عن تناول لذاتها الجرمانية، و صارت بفكرتها هناك و إن كانت
بجسدها هاهنا، فأسهر ليله مفكرا و نهاره طاويا في طلب المعارف و البحث عن حقائق
الأمور، و رضي من متاع الدنيا بكسرة يقيم بها حياة الجسد و خرقة يواري بها العورة
إلى وقت معلوم، و عاش في الدنيا مع أبناء جنسه من الآدميّين بجسده و هو بنفسه من
أجناس الملائكة.
فاجتهد يا أخي في طلب ما طلبوه و ارغب في صحبتهم، و اقتد بسنّتهم، و
سر بسيرتهم لعلك تحشر في زمرتهم إلى الجنة دار القرار كما ذكر اللّه تعالى و وعد
فقال، جلّ ثناؤه: «و سيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا» الآية.
و قال رسول اللّه، صلى اللّه عليه و سلم: «المرء يحشر يوم القيامة مع
من يحبّ» و قال: «قل إن كنتم تحبّون اللّه فاتبعوني يحببكم اللّه». و قد بيّنا
طريق الأنبياء، صلوات اللّه عليهم، و خصال المؤمنين المحققين في إحدى و خمسين
رسالة عملناها في غرائب العلوم، و طرائف الآداب، و تهذيب النفس، و إصلاح الأخلاق،
وفّقك اللّه أيها الأخ لقراءتها و فهم معانيها و العمل بما فيها إن شاء اللّه
تعالى.
\*\*\*\*\*
تمت الرسالة العاشرة في كيفية نضد العالم
بأسره و يليها رسالة في ماهيّة السحر و العزائم و العين