شريعته ثلاثة أعياد: فالأول منها يوم عيد
الفطر و هو أعظم فرح يكون بخروج الناس من شدة الصوم إلى الفطر كفرح أهل الأرض
بقدوم الربيع و الخصب بعد ذهاب الشتاء. ثم عيد الأضحى و هو يوم تعب و نصب لأنه يوم
الحج، فيكون الوفد الشرعي فيه شعثا غبرا، و يحتاج فيه إلى إراقة دم، و يكون فرحا
ممزوجا بغم و نصب، فيكون الفرح دون الفرح الأول كفرح الفلاسفة بالعيد الثاني من
سنتهم، إذ كانوا يستقبلون الهجير و الرّمضاء و السمائم و شدّة الصيف.
و اليوم الثالث في السنة الشرعية يوم وصيته عند انصرافه من حجّة
الوداع بغدير خمّ، و فرحه ممزوج، لأنه خالط ذلك بنكث و غدر موافقا للعيد الثالث
الفلسفي المتقلّب فيه الزمان من الصيف إلى الخريف، فتناهى حال الثمار و أخذها في
النقصان و الجفاف.
و اليوم الرابع هو يوم الحزن و الكآبة، فهو يوم قبض فيه النبي، صلى
اللّه عليه و سلم، إلى رضوان اللّه و محل كرامته، صلى اللّه عليه و آله، و إن كان
عيدا له لما وعده ربه تعالى بقوله: «و للآخرة خير لك من الأولى» فهو بانتقاله إلى
جوار اللّه و كريم فنائه عيد له، غير أنه مشوب بمصاب أمته و انقطاع الوحي و فقدهم
شخصه الكريم.
و اعلم أيها الأخ أن جماعة إخوان الصفاء أحقّ الناس بالعبادة
الشرعية، و مراعاة أوقاتها، و أداء فروضها، و معرفة تحليلها و تحريمها، لأنّا أخصّ
الناس بها، و أولاهم بحملها، و أقرب الناس إلى من جاءت على يديه، و أولاهم به، و
أحق الناس أيضا بالعبادة الفلسفية الإلهية و القيام بها و الأخذ لها و التجديد لما
دثر منها. فإذا أكملنا ذلك كانت لنا سنّة ثالثة نتميز بها و نتخصص بعلمها، و لنا
أيضا ثلاثة أيام نتخذها أعيادا و نأمر إخواننا بالاجتماع فيها و السعي إليها.
و اعلم أيها الأخ أن أعيادنا هذه ليست تشابه أعياد الفلسفة و لا
الشريعة في الحقيقة لكن بالمثل، لأن أعيادنا ذاتية قائمة بذواتها تظهر الأفعال
عنها