المحرّكة للأنفس إلى معالي الأمور، و
النغمات اللذيذة بتلاوة الحكمة و نشر العلم، فيكون بذلك راحة النفس و كمال الأنس،
فلا يزالون كذلك بقيّة يومهم ثم ينصرفون إلى أشغالهم.
و لهذا اليوم اسم باللغة اليونانية معروف عندهم، و هو اليوم الذي
نزلت فيه الشمس رأس الحمل، نوء الربيع.
فصل في العيد الثاني
فإذا نزلت الشمس أول السّرطان فإن ذلك اليوم العيد الثاني نوء الصيف،
و فيه يتناهى طول النهار و قصر الليل، و انصراف الربيع، و مجيء الصيف، و اشتداد
الحر و هبوب السمائم، و نقصان المياه، و يبس العشب، و استحكام الحبّ و إدراك
الحصاد و الثمار، فيكون ذلك اليوم عيدا لاستقبال زمان جديد تابع للزمان الأول.
و كانت الحكماء تجتمع فيه إلى الهياكل المبنيّة لذلك اليوم، لأنهم
كان لهم لكل عيد هيكل لا يدخلونه بذلك الزّي إلّا في يوم مثله، فيدخلون الهيكل
المبني و يلبسون الذي يليق بطبيعة ذلك البرج، و كذلك ما يكون يستعملونه من الطعام
و الشراب، و ما كان من الثمار الآتي بين التيبيس و الترطيب في الطبقة الأولى. فإذا
قضوا ما يجب عليهم في ذلك اليوم انصرفوا فلا يجتمعون إلى العيد الثالث و هو يوم
نزول الشمس رأس الميزان.