الاعتبار و الفحص و البيان، فلم تجتهد حتى
بقيت عمياء إلى الممات، فهي بعد الممات أعمى و أضلّ سبيلا، كما ذكر اللّه تعالى:
«و من كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى و أضل سبيلا» أعاذنا اللّه و إياك، أيها
الأخ، و جميع إخواننا من هذه الصفة إنه ودود رءوف رحيم.
فصل
و اعلم يا أخي أنّا قد عملنا إحدى و خمسين رسالة في فنون الآداب و
غرائب العلوم و طرائف الحكم: كل واحدة منها شبه المدخل و المقدمات و الأنموذج،
لكيما إذا نظر فيها إخواننا و سمع قراءتها أهل شيعتنا، و فهموا بعض معانيها و
عرفوا حقيقة ما هم مقرّون به من تفضيل أهل بيت النبي، صلى اللّه عليه و سلم، لأنهم
خزّان علم اللّه، و وارثو علم النبوات؛ و تبين لهم تصديق ما يعتقدون فيهم من العلم
و المعرفة و الفهم و التمييز و البصيرة في الآفاق، بما في أنفسهم من الآيات لقوم
يوقنون و يعلمون أنه الحق من ربهم، و لكيما لا يحتاجون إلى تفسير المخالفين لكتب
الأنبياء، :. و ينبغي لإخواننا إذا حضروا المجلس و معهم أخ مستجيب
مستحدث أن يقرأ عليهم هذه الخطبة.
اعلموا أيها الإخوان، أيّدكم اللّه و إيانا بروح منه، و هداكم للحقّ،
و جعلكم من أتباعه، و سهّل لكم سبيل الخير، و أرشدكم إلى معرفة أهله، و عصمكم من
الشر، و جنّبكم صحبة أهله، و حرسكم من غرور الشيطان، و وقاكم جور السلطان و نكبات
الزمان و نوائب الحدثان، و وفّقكم لقبول نصيحة الإخوان إنه و دود منّان.
و اعلموا أن كل دولة لها وقت منه تبتدئ، و لها غاية إليها ترتقي، و
حدّ إليه تنتهي، و إذا بلغت إلى أقصى مدى غاياتها و منتهى نهاياتها، أخذت في
الانحطاط و النقصان، و بدا في أهلها الشؤم و الخذلان، و استأنف في الأخرى