و يحكي التابع عن المتبوع. و ما مثلهم في
ذلك إلّا كجماعة عميان يضع أحدهم يده على كتف الآخر، و يصيرون كقطار الجمال و
يمشون، فإن لم يكن لهم قائد بصير تاهوا كلهم! و أعيذك أيها الأخ أن تكون منهم، بل
لتكن قائدا بصيرا تهدي الضّلال، و طبيبا رفيقا تبرئ الأكمه و الأبرص، و لا تكن
عليلا سقيما محتاجا إلى مداو. و اعلم أن الأطباء إذا اجتمع رأيهم على مداواة عليل،
و اتفقت كلمتهم على دواء واحد، و كانوا مستبصرين بتلك العلة، و تعاونوا على علاجه
مشفقين ناصحين غير متنازعين، أبرأ اللّه ذلك العليل على أيديهم في أقرب مدة، و
شفاء بأسهل سعي. فأما إذا اختلفوا و تنازعوا و ناقض بعضهم بعضا، خذل العليل من
بينهم و هلك، و لا يشفيه اللّه لهم، و لا ينتفعون هم بعلمهم.
فكن أيها الأخ مساعدا لإخوانك و موافقا و مناصحا، ينفع اللّه بك
العباد، و يصلح بك شأنهم، كما وعد اللّه فقال: «ابعثوا حكما من أهله و حكما من
أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق اللّه بينهما». و قد سمعت في الخبر أن الحكمين يوم
صفّين لم يريدا إصلاحا، بل خدع كلّ واحد صاحبه، و مكر، و أضمر الحيلة و الغلّ فلم
يوفّقوا في الصلح إلى طريق الرّشاد، فرجع أمير المؤمنين[1]
غير راض بذلك الحكم.