بهذه المداواة، بإذن اللّه و توفيق اللّه!
فانتبه يا أخي من نوم الغفلة و رقدة الجهالة، و لا تظن بالله ظنّ السوء، و اطلب
أولياء اللّه الكرام، و مجالسة واضعي النواميس، لتنجو بشفاعتهم، و تنال ببركاتهم
سرورا و نعيما في دار القرار.
فصل في بيان علة الاختلافات التي بين أهل الديانات النبوية بعضها
في الأصول، و بعضها في الفروع
و ذلك لأسباب شتى نحتاج إلى أن نذكرها، و لكن من أجل أن كثيرا ممن
ينظر في الآراء، و يتكلم في المذاهب، لا يعرف الفرق بين ذلك، لكنا نذكر هاهنا طرفا
فنقول:
ان معنى الدين في لغة العرب هو الطاعة من جماعة لرئيس واحد، و لما
كانت الطاعة لا تتبيّن إلّا بالأوامر و النواهي، و الأمر و النهي لا يعرفان إلّا
بالأحكام و الحدود و الشرائط في المعلومات، سمّيت هذه كلها شريعة الدين و سنن
أحكامه.
فلما كان الإنسان هو جملة مركّبة من جسد جسماني ظاهر جليّ، و من نفس
روحانية باطنة خفية، صارت أحكام الدين و الإسلام و حدود الشريعة على وجهين: ظاهر و
باطن. و الظاهر هو أعمال الجوارح، و الباطن هو اعتقادات الأسرار في الضمائر، و هو
الأصل، كما قال 7: الأعمال بالنيّات، و لكل امرئ ما نوى.
ثم اعلم أن الأنبياء، :، لا يختلفون فيما يعتقدون من
الدين سرّا و علانية، و لا في شيء منه البتة، كما قال تعالى: «أَقِيمُوا الدِّينَ وَ لا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ» و قد بيّنّا أنها اثنتا عشرة خصلة يعتقدها الأنبياء و أصحاب