و الزّاجات و الأملاح و النّفط و القار و
الإسفيذاج و ما شاكلها، و خواصّها و تصاريفها، فهم في معرفتها و علمها متفاوتو
الدرجات بحسب قوى نفوسهم، و جودة تأملهم لها.
و هكذا أيضا حكم النبات فإن منه ما له حب أو بذر يزرع، و منه ما هو
أشجار تغرس، و منه ما هو حشائش تنبت، و كذلك حكم الحيوان فإن منها ما يتولد في
الأرحام، و منها ما يخرج من البيض، و منها ما يكون من العفونات، فهذا هو الأصل
المتفق عليه بين أهلها. و أما معرفتهم بعلة اختلاف أنواعها و خواصّها و اختلافها،
و أفعالها و متصرّفاتها، و منافعها و مضارّها، فإن أهلها فيها متفاوتو الدرجات،
كلّ ذلك بحسب قوى نفوسهم فيها، و جودة بحثهم عنها، و دقة نظرهم و تأملهم فيها.
و أما علوم المنطق فهي نوعان: لغوي و فلسفي. فاللغوي مثل صناعة
النحو، و الأصل المتفق عليه بين أهلها هو معرفتهم بالأسماء و الأفعال و الحروف و
إعرابها من الرفع و النصب و الخفض. و مثل صناعة الخطب التي الأصل فيها هو معرفة
السجع و الفصاحة و ضرب الأمثال و التشبيهات. و مثل صناعة الشعر التي الأصل فيها
معرفة المفاعيل و الأسباب و الأوتاد و الحروف المتحرّكات و السواكن. فأما النظر في
فروعها و معرفة المنزحفات منها و العويص و عللها فهم فيها متفاوتو الدرجات بحسب
نفوسهم، و طول دربتهم، و دوام رياضتهم.
و هكذا أيضا المنطق الحكمي هو فنون شتى منه صناعة البرهان، و منه
صناعة الجدل، و منه صناعة السّفسطائيين يعني المغالطين. فأما صناعة البرهان فإن
الأصل المتفق عليه بين أهلها هو معرفتهم بمعاني الستة الألفاظ التي في إيساغوجي[1]، و العشرة التي في كتاب
قاطيغورياس[2]، و
العشرين كلمة التي في