آخره متصل محيط بالماء و الأرض كما ذكرنا في
رسالة الآثار العلويّة.
و أما الأرض بجميع جبالها و بحارها فهي كرة واحدة، فإذا اعتبر شكل
الجبال و الأنهار على بسيط الأرض و تؤمّل، تبيّن أن كل واحد منها كأنه قطعة قوس من
محيط الدائرة. و أما أشكال البحار فكلّ واحد كأنه قشر من سطح جسم كريّ.
فصل
و هكذا أحوال الكائنات إذا اعتبرت و تؤمّلت تبيّن أن أكثرها كريّات
الشكل و مستديرات: من ذلك أن أكثر الأشجار و أوراقها و حبّ النبات و نوّارها
كريّات الأشكال و مستديرات. و هكذا أكثر مصنوعات البشر كما بيّنّا في رسالة
الهندسة. و أما أحوالها فدائرة أيضا بعطف أوائلها على أواخرها مثل دوران الزمان من
الشتاء إلى الربيع، و من الربيع إلى الصيف، و من الصيف إلى الخريف، و من الخريف
إلى الشتاء. و هكذا دوران الليل و النهار حول كرة الأرض كما بيّنّا في رسالة
الهيولى.
و كذلك الحكم في دوران مياه الأنهار و البحار و الغيوم و الأمطار،
فإنها كالدولاب الدائر. و ذلك أن الغيوم و السحاب تنشأ من البخار الصاعد من البحار
و الأنهار، و تسوقها الرياح إلى القفار و رءوس الجبال، و تمطر هناك، فتجتمع السيول
إلى الأودية و الأنهار، فتذهب راجعة إلى البحار، ثم تصعد ثانية، و ذلك تقدير
العزيز العليم. و كذلك حال النبات و تكوينه من التراب و الماء و النار و الهواء، و
رجوعه إليها في دورانها كالدولاب. و ذلك أن النبات يبدو و ينشأ و يتمّ و يكمل، حتى
إذا بلغ إلى أقصى غاياته و منتهاها، رجع عند البلى و الفساد إلى ما تكوّن منه. و
بيان ذلك أن النبات يمتصّ بعروقه لطائف الأركان، و يصير منه ورق و ثمار يتناولها
الحيوان بالاغتذاء، فتستحيل