الحر و البرد و الخشونة و اللين و الصلابة و
الرخاوة، و بحسب اختلاف أحوال المحسوس، لأن القوّة مختلفة في ذاتها و جوهرها؟
و أما كيفية إدراك هذه القوة: الرطوبة و اليبوسة، فهو أن البدن إذا
لاقاه جسم يابس تنشف رطوبة البدن و نداوته، فتحس القوّة بذلك التغير.
و إذا لاقاه جسم رطب، زاده رطوبة و نداوة.
و أما كيفيّة إدراك هذه القوّة للثقل و الخفة، فهو عند الدفع و الجذب
و الحمل تحس بها. و قد يختلف الثقيل و الخفيف بحسب قوة البدن، فإن من الحيوان ما
يحمل مثل وزن بدنه أضعافا كالنمل. و من الحيوان ما لا يقدر أن يحمل غير وزن بدنه.
و قد بيّنّا في الرسالة التي ذكرنا فيها خواص الحيوانات الغرض و العلّة في ذلك.
فصل
و أما كيفية إدراك الذائقة لمحسوساتها التي هي الطعوم حسب، و هي تسعة
أنواع: أولها الحلاوة الملائمة لمزاج اللسان، و الثاني المرارة المنافرة لمزاج
اللسان، و الثالث الملوحة، و الرابع الدّسومة، و الخامس الحموضة، و السادس
الحرافة، و السابع العفوصة، و الثامن العذوبة، و التاسع القبوضة.
فإدراكها هو أن تتصل رطوبة هذه الطعوم برطوبة اللسان فتمتزجان،
فيعتبر مزاج اللسان بحسب ذلك الطعم، إن كان حلوا فحلوا، و إن كان مرّا فمرّا، و إن
كان حامضا فحامضا، و غيرها من الطعوم، فيحس بذلك.
و ليس الحس شيئا أكثر من أن يصير مزاج الحاسّ مثل المحسوس بالكيفيّة
حسب، و الإحساس ليس شيئا أكثر من شعور النفس بتغيير تلك الأمزجة.
و أما كيفيّة إدراك القوّة الشامّة لمحسوساتها التي هي الروائح، و هي
نوعان:
طيب، و منتن، فهو أن الأجسام ذوات الروائح يتحلل منها في دائم
الأوقات