responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : رسائل اخوان الصفاء و خلان الوفاء نویسنده : اخوان صفا (مجموعة من المؤلفين)    جلد : 2  صفحه : 22

هذه كلّها تعرض لها من أجل مقارنتها للجسد، لأن الجسد جسم قابل للآفات و الفساد و الاستحالة و التغيّر، فأما النفس فإنها جوهرة روحانية، فليس لها من هذه الآفات شي‌ء.

و اعلم أنه قد ذهب على أكثر أهل العلم معرفة أنفسهم، لتركهم النّظر في علم النفس، و البحث عن معرفة جواهرها، و السؤال من العلماء العارفين بعلمها؛ و لقلة اهتمامهم بأمر أنفسهم و طلب خلاصها من بحر الهيولى و هاوية الأجسام، و النجاة من أسر الطبيعة، و الخروج من ظلمة الأجسام، لشدة ميلهم في الخلود إلى الدنيا، و استغراقهم في الشهوات الجسمانية، و الغرور باللذات الحيوانية، و الأنس بالمحسوسات الطبيعية؛ و لغفلتهم عمّا وصف في الكتب الإلهية و النواميس الشرعيّة النبويّة من نعيم الجنان، و ما في عالم الأرواح من الرّوح و الريحان و النعيم و السرور و اللذة و الكرامة و بقاء الأبد التي وعد المتّقون: «فيها أنهار من ماء غير آسن، و أنهار من لبن لم يتغيّر طعمه، و أنهار من خمر لذّة للشاربين، و أنهار من عسل مصفّى، و لهم فيها من كل الثمرات، و النخيل و الأعناب، تتّخذون منه سكرا[1] و رزقا حسنا، إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون».

و إنما قلّة رغبتهم فيها لقلّة تصديقهم بما أخبرت به الأنبياء، :، و ما أشارت إليه الفلاسفة و الحكماء مما يقصر الوصف عنه من لطيف المعاني و دقائق الأسرار، فانصرفت همم نفوسهم كلّهما إلى أمر هذا الجسد المستحيل، و جعلوا سعيهم كلّه لصلاح معيشة الدنيا من جمع الأموال و المآكل و المشارب و الملابس و المناكح و المراكب، و صيّروا نفوسهم عبيدا لأجسادهم، و أجسادهم مالكة لنفوسهم، و سلّطوا الناسوت على اللاهوت، و الظّلمة و الشياطين على النور و الملائكة، و صاروا من حزب‌


[1] -السكر: الخمر المسكرة، سميت بالمصدر.

نام کتاب : رسائل اخوان الصفاء و خلان الوفاء نویسنده : اخوان صفا (مجموعة من المؤلفين)    جلد : 2  صفحه : 22
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست