و من الناس من يستخرج صناعة بقريحته و ذكاء
نفسه، لم يسبق اليها، و أما أكثر الصنّاع فانهم يأخذونها توفيقا[1]
و تعليما من الأستاذين.
فصل في المساحة
و اعلم يا أخي، أيّدك اللّه و ايانا بروح منه، أن علم الهندسة يدخل
في الصنائع كلّها، و خاصّة في المساحة، و هي صناعة يحتاج اليها العمّال و الكتّاب
و الدهاقين[2] و أصحاب
الضّياع و العقارات في معاملاتهم من جباية الخراج و حفر الأنهار و عمل البريدات و
ما شاكلها.
ثم اعلم بأن المقادير التي تمسح بها الأراضي بالعراق خمسة مقادير و هي
الأشل و الباب و الذراع و القبضة و الاصبع. و اعلم بأن الإصبع الواحدة غلظها ستّ
شعيرات مصفوفة مضمومة ظهور بعضها إلى بطون بعض.
و القبضة الواحدة أربع أصابع. و الذراع الواحد ثماني قبضات، و هو
اثنان و ثلاثون اصبعا. و الباب طوله ستة أذرع و هي ثمان و أربعون قبضة، و هو مائة
و اثنان و تسعون إصبعا. و الأشل حبل طوله عشرة أبواب، و هو ستّون ذراعا، و أربع
مائة، و ثمانون قبضة، و الف و تسع مائة، و عشرون إصبعا. و اعلم بأنك إذا ضربت هذه
المقادير بعضها في بعض، فالذي يخرج منها يسمّى تكسيرا. فإذا جمعت، فيكون منها
جريبات و قفيزات و عشيرات. و أما حسابها فهو أن القبضة الواحدة في مثلها تكون ستة
عشر إصبعا، و الذراع الواحدة في مثلها تكون أربعا و ستين قبضة مكسّرة، و ألفا و
أربعة و عشرين إصبعا مكسّرة، و هو تسع ربع عشر عشير الجريب؛ و الباب الواحد في
مثله يكون ستة و ثلاثين ذراعا مكسّرة.