و أما أولئك الحكماء الذين كانوا يتكلّمون
في علم النفس قبل نزول القرآن و الإنجيل و التّوراة فإنهم لمّا بحثوا عن علم النفس
بقرائح قلوبهم، و استخرجوا معرفة جوهرها بنتائج عقولهم، دعاهم ذلك إلى تصنيف الكتب
الفلسفية التي تقدّم ذكرها في أول هذه الرسالة، و لكنهم لما طوّلوا الخطب فيها، و
نقلها من لغة إلى لغة من لم يكن فهم معانيها و لا عرف أغراض مؤلّفيها، انغلق على
الناظرين في تلك الكتب فهم معانيها، و ثقلت على الباحثين أغراض مصنّفيها، و نحن قد
أخذنا لبّ معانيها و أقصى أغراض واضعيها، و أوردناها بأوجز ما يمكن من الاختصار في
اثنتين و خمسين رسالة، أولاها هذه، ثم يتلوها أخواتها على الولاء كترتيب العدد
تجدها إن شاء اللّه تعالى.
تمّت الرسالة، و الحمد للّه ربّ العالمين، و صلّى اللّه على رسوله
محمد النبيّ و آله الطاهرين، و سلّم تسليما.