تألفت هذه الجماعة في القرن الرابع الهجري (القرن العاشر للميلاد) و
كان موطنها البصرة، و لها فرع في بغداد، و لم يعرف من أشخاصها سوى خمسة يتغشاهم
الغموض و الشك، و لا يسفر اليقين عن حقيقة أمرهم بما يطمئن اليه الخاطر و ينشرح له
الصدر لما كانوا عليه من التستر و الاكتتام، فقد ذكرت أسماؤهم و كأنها لم تذكر،
لجهلنا أخبارهم و أحوالهم، فقيل إن أحدهم هو أبو سليمان محمد بن معشر البستي
المعروف بالمقدسي، و الآخر أبو الحسن علي بن هارون الزنجاني، ثم أبو أحمد
المهرجاني، و يسميه المستشرق دي بور محمد بن أحمد النهرجوري، فأبو الحسن العوفي،
فزيد بن رفاعة. و يؤخذ من كلام لأبي حيّان التوحيدي أثبته أحمد زكي باشا في مقدمته
لرسائل الإخوان، أن زيد بن رفاعة كان متهما بمذهبه، و أن الوزير صمصام الدولة بن
عضد الدولة سأله عنه، فقال: «إني لا أزال أسمع من زيد بن رفاعة قولا يريبني، و
مذهبا لا عهد لي به، و كناية عما لا أحقّه، و إشارة إلى ما لا يتوضح شيء منه.
يذكر الحروف و يذكر اللفظ، و يزعم أن الباء لم تنقط من تحت واحدة إلا
لسبب، و التاء لم تنقط من فوق اثنتين إلا لعلة، و الألف لم تهمل إلا لغرض، و أشباه
هذا.» فأطرى أبو حيان ذكاءه و أدبه و علمه، و تبصره في الآراء و الديانات، و
تصرّفه في كل فن: «إما بالشدو[1] الموهم، و
إما بالتوسط المفهم، و إما بالتناهي المفحم.»