اعلم أيها الأخ البارّ الرحيم، بأنه لما كان من مذهب إخواننا الكرام،
أيّدهم اللّه، النظر في جميع علوم الموجودات التي في العالم، من الجواهر و الأعراض
و البسائط و المجرّدات و المفردات و المركّبات، و البحث عن مباديها و عن كمية
أجناسها و أنواعها و خواصّها، و عن ترتيبها و نظامها، على ما هي عليه الآن، و عن
كيفيّة حدوثها و نشوئها عن علّة واحدة، و مبدإ واحد، من مبدع واحد، جلّ جلاله، و
يستشهدون على بيانها بمثالات عدديّة، و براهين هندسيّة، مثل ما كان يفعله الحكماء
الفيثاغوريّون، احتجنا أن نقدم هذه الرسالة قبل رسائلنا كلّها، و نذكر فيها طرفا
من علم العدد و خواصّه التي تسمى «الأرثماطيقي» شبه المدخل و المقدّمات، لكيما
يسهل الطريق على المتعلمين إلى طلب الحكمة التي تسمى الفلسفة، و يقرب تناولها
للمبتدئين بالنظر في العلوم الرياضية فنقول:
الفلسفة أوّلها محبة العلوم، و أوسطها معرفة حقائق الموجودات، بحسب
الطاقة الإنسانيّة، و آخرها القول و العمل بما يوافق العلم. و العلوم الفلسفيّة