ملخصة مستوفاة مهذبة مستقصاة ببراهين هندسية
يقينية، و دلائل فلسفية حقيقية، و بيّنات علمية، و حجج عقلية، و قضايا منطقية، و
شواهد قياسية، و طرق إقناعية، لا يقف على كنهها و لا يحيط بحقائقها، و لا يحصلها و
لا شيئا منها إلا من ارتاض بما قدمنا، و حذق و عرف و تدرب فيها و تمهّر أو بما
يشاكله، إذ هذه الرسائل كلها كالمقدمات لها و المداخل إليها و الأدلة عليها و
الأنموذج منها، لا ينفتح غلق معتاصها، و لا ينكشف مستور غامضها إلا لمن تهذب بهذه
الرسائل الاثنتين و الخمسين أو بما شاكلها من الكتب. و الرسالة الجامعة من رسائلنا
هي منتهى الغرض لما قدمناه، و أقصى المدى و نهاية القصد، و غاية المراد، و للّه
الحمد و المنة، و له الحول و القوة.
هذه فهرست رسائل إخوان الصفا و خلّان الوفاء و أهل العدل و أبناء
الحمد، و هي اثنتان و خمسون رسالة، و رسالة، في تهذيب النفوس و إصلاح الأخلاق.
و اعلم يا أخي، أيدك اللّه و إيانا بروح منه، بأن مثل صاحب هذه
الرسائل مع طالبي العلم و مؤثري الحكمة و من أحب خلاصه، و اختار نجاته، كمثل رجل
حكيم جواد كريم، له بستان خضر نضر بهج مونق معجب طيب الثمرات، لذيذ الفواكه، عطر
الرياحين، أرجة الأوراد، فائحة الأزهار، بهية المنظر، نزهة المرامي، مختلفة
الأشكال و الأصباغ، و الألوان و المذاق و المشامّ، من بين رطب و يابس و حلو و
حامض، و فيها من سائر الطيور المطربة الأصوات، الملهية الألحان، المستحسنة التغريد،
تطّرد تحت أشجارها أنهار جارية، و خلال أزهارها و خضرها جداول منسابة تموج، و في
حافات الأنهار خضر مونقة، و أصداف مشرقة الألوان، و جواهر متناسبة الأصباغ، رائقة
المناظر، عجيبة الصور، بديعة التأليف، غريبة التنضيد، فرحة كل نفس، و نزهة كل عين،
مسلاة كل همّ، مدعاة كل أنس، فأراد لكرم نفسه و سخاء سجيته أن يدخلها كل مستحق، و
يتلذذ فيها و بها كل مشرّف عاقل، فنادى