الرسالة الرابعة عشرة من القسم الرياضي في
معنى انولوطيقا الثانية
بسم اللّه الرحمن الرحيم و إذ قد فرغنا من ذكر المقولات العشرة، و
كميّة أنواعها، و كيفيّة اقتراناتها، و فنون نتائجها فيما تقدّم، فنريد الآن أن
نبيّن ما القياس البرهانيّ، و كميّة أنواعه، و كيفيّة تأليفه و استعماله، و
استخراج نتائجه، و لكن نحتاج قبل ذلك كلّه أن نخبر أولا ما غرض الفلاسفة في
استعمال القياس البرهاني.
و اعلم يا أخي بأنه لما كانت طرق العلوم و المعارف و الاستشعار و
الإحساس كثيرة، كما بيّنّا بعضها في رسالة الحاسّ و المحسوس، و بعضها في رسالة
العقل و المعقول، و بعضها في رسالة أجناس العلوم؛ و كانت الطرق التي سلكها الفلاسفة
منها في التعاليم و طلبهم معرفة حقائق الأشياء أربعة أنواع، و هي التقسيم و
التحليل و الحدود و البرهان، احتجنا أن نذكر واحدا واحدا منها، و نبيّن كيفيّة
المسلك فيها، و أن المعلومات كيف تعرف بها، و لم هي أربع طرق لا أقلّ و لا أكثر،
أما علة ذلك، فإنه لما استبان و اتضح في قاطيغورياس بطريق القسمة أن الموجودات
كلّها ليست تخلو أن تكون أجناسا و أنواعا و فصولا و أشخاصا، وجب ضرورة أن تكون
طريق المعرفة بكل واحد منها غير الأخرى؛ بيان ذلك أنه بالقسمة تعرف حقيقة الأجناس