نذكر في هذا الفصل منها طرفا في كيفيّة
عداوة أولياء اللّه تعالى مع إبليس، و كيفيّة محاربتهم مع الشياطين و مخالفتهم و
مجاهدتهم معهم طول أعمارهم ليلا و نهارا و سرّا و جهارا، و انه لا يخفى عليهم
مكايدهم، و لا يذهب عنهم غرورهم و أمانيهم.
فصل فيما حكاه ولي من أولياء اللّه عن كيفية معرفة مكائد الشياطين
و محاربته معهم و مخالفته جنود إبليس أجمعين
قال العالم المستبصر لأخ له من أبناء جنسه فيما جرى بينهما من
المذاكرة في أمر الشياطين و عداوتهم: كيف عرفت الشياطين و وساوسهم؟ قال: إني لما
نشأت و تربيت، و شدوت من الآداب طرفا، و أخذت من العلم نصيبا، و عقلت من أمر
المعاش قسطا، و عرفت أمر المنافع و المضارّ، تبيّنت ما يجب علي من أحكام الناموس
من الأوامر و النواهي و السّنن و الفرائض و الأحكام و الحدود و الوعد و الوعيد و
الذم و المدح على الأعمال و الأفعال و على تركها، ثم قمت بواجبها جهدي و طاقتي
بحسب ما وفّقت له و قضي علي و يسّر لي. ثم تفكرت في قول اللّه تعالى: «إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا» و قوله: «إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ
لِلْإِنْسانِ عَدُوًّا مُبِيناً» و آيات كثيرة في القرآن في
هذا المعنى، و تفكرت في قول النبي، صلى اللّه عليه و آله: رجعنا من الجهاد الأصغر
إلى الجهاد الأكبر، يعني مجاهدة النفس، و تصديقه قول اللّه تعالى: «وَ مَنْ جاهَدَ فَإِنَّما يُجاهِدُ لِنَفْسِهِ» و فكرت في قوله، 7:
«لكل إنسان شيطانان يغويانه»، و قوله: «ان شيطاني أعانني اللّه عليه
فأسلم»، و قوله: «ان الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم» و تصديق