فصل في بيان علامات أولياء اعز و جل و
عباده الصالحين
و اعلم يا أخي، أيدك اللّه و إيانا بروح منه، بأن لأولياء اللّه صفات
و علامات كثيرة يعرفون بها و يمتازون عمّن سواهم، و هكذا أيضا لأعداء اللّه علامات
و صفات يعرفون بها و يمتازون عن غيرهم، نحتاج أن نذكر طرفا منها ليعلم كل عاقل فهم
مميز مستبصر، إذا أراد أن يعرف من أي الفريقين هو لم يخف عليه ذلك.
و اعلم يا أخي بأن العاقل الفهم المستبصر هو الذي يعرف الفرق بين
الأشياء المتشابهة، و يميّز بين الأمور المتجانسة و يفضّل بعضها على بعض بعلامات و
صفات مختصّة بواحد واحد منها، فنقول الآن إن من علامات أولياء اللّه الصالحين
المختصّين به ما ذكره اللّه تعالى بقوله لإبليس اللعين:
«إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ» و حكي أيضا قول إبليس مجاوبا له:
فبعزّتك «لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ
إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ» و آيات كثيرة في
القرآن في ذكر أولياء اللّه و صفاتهم و علاماتهم و هي مثل قوله تعالى: «وَ عِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ
هَوْناً، وَ إِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ» إلى آخر الآية، و
آيات كثيرة في القرآن في ذكر أولياء اللّه تعالى و مدحهم و صفاتهم و علاماتهم و
حسن الثناء عليهم.
و من علاماتهم و صفاتهم أيضا حفظ الجوارح من كلّ ما لا يحلّ في
الشريعة و لا يجوز في السّنّة و لا يحسن في المروءة. و من علاماتهم و صفاتهم حفظ
اللّسان عن الكذب و الغيبة و البهتان و الزور و النميمة و الفحش و السفاهة و الطعن
و اللغو و الوقيعة في أحد من الخليقة عدوّا كان أو صديقا، مخالفا كان أو مؤالفا. و
من علاماتهم أيضا و صفاتهم و هي العمدة و الأصل في جميع الخيرات و الخصال المحمودة
سلامة الصدر من الغلّ و الغش و الدّغل و الحسد و البغض و التكبّر و الحرص و الطمع
و المكر و النّفاق و الرياء و ما أشبهها من