و الشّعورات الحسّيّة، و الأوهام الفكرية، و
الحركات المكانية، و الأفعال الإراديّة، و الأعمال الاختياريّة، و الصنائع
الحكميّة، و الأوضاع الناموسيّة، و السياسات الملكوتيّة؛ و نبدأ أولا بذكر الشهوات
المركوزة في الجبلة و القوى الطبيعية المعينة لها، إذ كانت هي الأصل و القانون في
جميع القوى و الأخلاق و الخصال و الأفعال و الحركات و الحسّ و الشعور بها و من
أجلها، كما سنبيّن بعد.
فصل
و اعلم يا أخي بأن من الأخلاق و القوى ما هي منسوبة إلى النفس
النباتية الشّهوانيّة، و منها ما هي منسوبة إلى الحيوانية الغضبيّة، و منها ما هي
منسوبة إلى النفس الإنسانية الناطقة، و منها ما هي منسوبة إلى النفس العاقلة
الحكميّة، و منها ما هي منسوبة إلى النفس الناموسيّة الملكيّة. فأما المنسوبة إلى
النفس الشّهوانية من الخصال و القوى التي تخصّها، فأولها شهوة الغذاء، و هي النزوع
و الشوق نحو المأكولات و المشروبات و المشتهيات، و الرغبة فيها، و الحرص في طلبها،
و احتمال المشقّة و الذل من أجلها، و الفرح و السرور بوجدانها، و الراحة و اللّذة
في تناولها، و الملل و الشّبع عند الاستكفاء منها، و النفور من الضارّ منها و
البغض له، و من القوى المختصّة بها أيضا القوة الجاذبة و الماسكة و الهاضمة و
الدافعة و الغاذية و النامية و المصوّرة؛ و من الشعور و التمييز معرفة الجهات
الست، و من الأفعال إرسال العروق نحو الجهات النّديّة و التراب الليّن، و توجيه
الفروع و القضبان إلى الجهات المتّسعة، و الميل و الانحراف عن الأمكنة الضيّقة و
الأجسام المؤذية.
كل هذه الخصال مركوزة في الجبلة من غير فكر و لا رويّة، و كلّ ذلك
معاونة من الطبيعة لنفوسها و تأييد لها بإذن باريها، جلّ ثناؤه، على طلب مشتهياتها
و الوصول إلى منافعها، و الفرار من المضرّة منها، إذ كانت