ان ينسب إلى بلده، أو إلى أصله، أو إلى
صناعته، مثال ذلك إذا قيل:
من زيد، فيقال: البصريّ، ينسب إلى بلده، و الهاشميّ إلى أصله، و
النّجّار إلى صناعته.
فهذه جملة مختصرة في كميّة السّؤالات و أجوبتها، و مباحث العلوم و
النظر في حقائق الأشياء، شبه المدخل و المقدّمات، ليقرب من فهم المتعلمين النظر في
المنطق الفلسفيّ، و ليوقفوا عليها قبل النظر في إيساغوجي[1]
الذي هو المدخل إلى المنطق الفلسفي.
فصل في أجناس العلوم
و إذ قد فرغنا من ذكر ماهيّة العلوم و أنواع السّؤالات، و ما يقتضي
كلّ واحد من الأجوبة، فنريد أن نذكر أجناس العلوم، و أنواع تلك الأجناس، ليكون
دليلا لطالبي العلم إلى أغراضهم، و ليهتدوا إلى مطلوباتهم، لأن رغبة النفوس في
العلوم المختلفة و فنون الآداب، كشهوات الأجسام للأطعمة المختلفة الطّعم و اللون و
الرائحة.
فاعلم يا أخي بأن العلوم التي يتعاطاها البشر ثلاثة أجناس، فمنها
الرياضيّة، و منها الشرعيّة الوضعيّة، و منها الفلسفية الحقيقية. فالرياضية هي علم
الآداب التي وضع أكثرها لطلب المعاش و صلاح أمر الحياة الدنيا؛ و هي تسعة أنواع،
أولها علم الكتابة و القراءة، و منها علم اللّغة و النحو، و منها علم الحساب و
المعاملات، و منها علم الشّعر و العروض، و منها علم الزّجر و الفال[2]
[1] -ايساغوجي: هو كتاب الكليّات لفورفوريوس اليوناني.
[2] -الزجر: ان تزجر الطائر فترميه بحصاة، او تصيح به،
فان ولاك في طيرانه ميامنه، تفاءلت به، و ان و لاك مياسره، تطيرت منه. و الفأل ضد
الطيرة، و ربما استعمل في الخير و الشر.