و استعمالها أكثر العقول، و يغنّى بها في
مجالسهن الملوك و الرؤساء.
فصل في أن إحكام الكلام صنعة من الصنائع
و من المصنوعات المحكمة المتقنة أيضا صنعة الكلام و الأقاويل، و ذلك
ان أحكم الكلام ما كان أبين و أبلغ؛ و أتقن البلاغات ما كان أفصح؛ و أحسن الفصاحة
ما كان موزونا مقفّى؛ و ألذّ الموزونات من الاشعار ما كان غير منزحف، و الذي غير
منزحف من الأشعار هو الذي حروفه السّاكنة و أزمانها مناسبة لحروف متحرّكاتها و
أزمانها، و المثال في ذلك الطويل و المديد و البسيط؛ فإن كل واحد منها مركّب من
ثمانية مقاطع، و هي هذه: فعولن مفاعيلن فعولن مفاعيلن فعولن مفاعيلن فعولن
مفاعيلن. و هذه الثمانية مركّبة من اثني عشر سببا و ثمانية أوتاد، جملتها ثمانية و
أربعون حرفا، عشرون منها سواكن، و ثمانية و عشرون حرفا متحرّكات. و المصراع منه
أربعة و عشرون حرفا، عشرة سواكن و أربعة عشر متحرّكات. و نصف المصراع الذي هو ربع
البيت اثنا عشر حرفا، خمسة منها سواكن، و سبعة متحرّكات. و نسبة سواكن حروف ربعه
إلى متحرّكاته كنسبة سواكن حروف نصفه إلى متحرّكاته و كنسبة سواكن حروفه كلّها إلى
متحرّكاته كلها. و هكذا تجد حكم الوافر و الكامل، فإن كلّ واحد منهما مركّب من ستة
مقاطع، و هي هذه: مفاعلتن مفاعلتن مفاعلتن مفاعلتن مفاعلتن مفاعلتن ستّ مرّات و
نسبة سواكن حروف ثلث البيت إلى حروف متحرّكاته كنسبة حروف سواكن نصفه إلى
متحرّكاته، و كنسبة سواكن كله إلى متحرّكات كلّه، و على هذا المثال و الحكم يوجد
كلّ بيت من الأشعار إذا سلم من الزّحاف منصّفا كان أو مربّعا أو مسدّسا، و كذلك
حكم الأزمان التي بينها، و هذه صورتها: