ثناؤه، و هو الذي خلق الصنّاع و ألهمهم
الصنائع الأول و الحكم و العلوم و المعارف، و اللّه أحسن الخالقين و أحكم
الحاكمين.
و لكن نبدأ أولا بذكر ما قال أهل هذه الصناعة، فإنه قد قيل: استعينوا
في كل صناعة بأهلها، فنقول: ان أهل هذه الصناعة قالوا: ينبغي ان تتّخذ الآلة التي
تسمّى العود خشبا طوله و عرضه و عمقه يكون على النسبة الشريفة، و هي ان طوله مثل
عرضه و مثل نصفه، و يكون عمقه مثل نصف العرض، و عنق العود مثل ربع الطول، و تكون
ألواحه رقاقا متّخذة من خشب خفيف، و يكون الوجه رقيقا من خشب صلب خفيف يطنّ إذا
نقر. ثم يتّخذ أربعة أوتار بعضها أغلظ من بعض على النسبة الافضل، و هو ان يكون غلظ
البمّ مثل غلظ المثلث و مثل ثلثه، و غلظ المثلث مثل غلظ المثنى و مثل ثلثه، و غلظ
المثنى مثل غلظ الزير و مثل ثلثه، و هو ان يكون البمّ أربعا و ستين طاقة إبريسم[1] و المثلث ثمانيا و أربعين طاقة، و
المثنى ستّا و ثلاثين طاقة، و الزير سبعا و عشرين طاقة إبريسم. ثم تمدّ هذه
الأوتار الأربعة على وجه العود مشدودة أسفالها في المشط، و رءوسها في الملاوي فوق
عنق العود، فعند ذلك تكون أطوالها متساوية، و هي في دقّتها و غلظها مختلفة على هذه
النسبة: (سد مح لو كز). ثم يقسم طول الوتر الواحد بأربعة أقسام متساوية، و يشدّ
دستان[2] الخنصر
عند الثلاثة الأرباع مما يلي عنق العود، ثم يقسم طول الوتر من الرأس بتسعة أقسام
متساوية، و يشد دستان السّبّابة على التّسع مما يلي عنق العود؛ ثم يقسم طول الوتر
عند دستان السّبّابة إلى المشط بتسعة أقسام متساوية، و يشدّ دستان البنصر على
التّسع منه، فإنه يقع فوق دستان الخنصر مما يلي دستان السّبّابة. ثم يقسم طول
الوتر عند دستان الخنصر مما يلي المشط بثمانية أقسام، و يزاد عليها هذا