فصل في صفة الأقاليم و ما في الرّبع
المسكون من الأرض مع ما فيها من الجبال و البحار و البراري و الأنهار و المدن و ما
في البحار من الجزائر و المدن
و قبل وصفها نحتاج أن نذكر صفة الأرض و جهاتها السّتّ و كيفيّة
وقوفها في الهواء. أما الجهات فهي الشّرق و الغرب و الجنوب و الشّمال و الفوق و
الأسفل. فالشّرق من حيث تطلع الشّمس، و الغرب من حيث تغرب الشّمس، و الجنوب من حيث
مدار سهيل، و الشّمال من حيث مدار الجدي و الفرقدين، و الفوق مما يلي السّماء، و
الأسفل مما يلي مركز الأرض. و الأرض جسم مدوّر مثل الكرة و هي واقفة في الهواء
بأنّ اللّه يجمع جبالها و بحارها و براريها و عماراتها و خرابها، و الهواء محيط
بها من جميع جهاتها شرقها و غربها و جنوبها و شمالها، و من ذا الجانب، و من ذلك
الجانب. و بعد الأرض من السّماء من جميع جهاتها متساو، و أعظم دائرة في بسيط الأرض
25455 ميلا 6855 فرسخا، و قطر هذه الدّائرة هو قطر الأرض 6551 ميلا 2167 فرسخا
بالتقريب. و مركزها هي نقطة متوهّمة في عمقها على نصف القطر و بعدها من ظاهر سطح
الأرض و من سطح البحر من جميع الجهات متساو، لأن الأرض بجميع البحار التي على
ظهرها كرة واحدة، و ليس شيء من ظاهر سطح الأرض من جميع جهاتها هو أسفل الأرض كما
يتوهّم كثير من الناس، ممن ليس له رياضة بالنظر في علم الهندسة و الهيئة، و ذلك
أنهم يتوهّمون و يظنّون بأن سطح الأرض من الجانب المقابل لموضعنا هو أسفل الأرض، و
أن الهواء المحيط بذلك الجانب هو أيضا أسفل من الأرض، و أن النّصف من فلك القمر
المحيط بالهواء هو أيضا أسفل من الهواء، و هكذا سائر طبقات