و على هذا الطريق سلك أصحاب الطّلّسمات في
نصبها، و ذلك أنه ما من شيء من الموجودات الرياضيّة و الطبيعيّة و الإلهيّة إلّا
و له خاصّيّة ليست لشيء آخر، و لمجموعاتها خواصّ ليست لمفرداتها من الأعداد و
الأشكال الصّور و المكان و الزمان و العقاقير و الطّعوم و الألوان و الروائح و
الأصوات و الكلمات و الأفعال و الحروف و الحركات؛ فإذا جمعت بينها على النّسب
التأليفيّة، ظهرت خواصّها و أفعالها. و الدليل على صحّة ما قلنا أفعال التّرياقات
و المراهم و الشّربات، و ألحان الموسيقى و تأثيراتها في الأجساد و النفوس جميعا
مما لا خفاء به عن كل ذي لبّ حكيم فيلسوف كما بيّنا طرفا من ذلك في رسالة
الموسيقى.
فصل في ثمرة هذا الفن
و اعلم بانّ النظر في علم الهندسة الحسّيّة يعين على الحذق في
الصنائع؛ و النظر في الهندسة العقليّة، و معرفة خواصّ العدد و الأشكال، يعين على
فهم كيفيّة تأثيرات الاشخاص الفلكيّة و أصوات الموسيقى في نفوس المستمعين؛ و النظر
في كيفيّات تأثيرات الحسّ في منفعلاتها يعين على فهم كيفيّة تأثيرات النفوس
المفارقة[1] في النفوس
المتجسّدة في عالم الكون و الفساد.
و في علم الهندسة العقليّة للناظرين طريق إلى الوصول إلى معرفتها
بعون اللّه و هدايته.
تمّت رسالة الجومطريا و يتلوها رسالة في مدخل علم النجوم و هي
الثالثة من القسم الأول من الأربعة الاقسام.