responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : حى بن يقظان نویسنده : ابن طفيل    جلد : 1  صفحه : 16

السعد السرمدي- ان ابث اليك ما امكنني بثه من اسرار الحكمة المشرقية[1] التي ذكرها الشيخ الامام الرئيس ابو علي بن سينا. فأعلم ان من اراد الحق الذي لا جمجمة فيه، فعليه بطلبها و الجد في اقتنائها.

وصف الحالة التي شعر بها ابن طفيل عند ما طلب منه ذلك: يتذكر حال المتصوفة القائلين بالوصول و الفناء في الحق.

و لقد حرّك مني سؤالك خاطرا شريفا افضى بي- و الحمد للّه- الى مشاهدة حال لم اشهدها قبل، و انتهى بي الى مبلغ هو من الغرابة، بحيث لا يصفه لسان، و لا يقوم به بيان، لانه من طور غير طورهما، و عالم غير عالمهما. غير ان تلك الحال، لما لها من البهجة و السرور، و اللذة و الحبور، لا يستطيع من وصل اليها، و انتهى الى حد من حدودها، ان يكتم امرها او يخفي سرها، بل يعتريه من الطرب و النشاط و المرح و الانبساط، ما يحمله على البوح بها مجملة دون تفصيل؛ و ان كان ممن لم تحذقه العلوم قال فيها بغير تحصيل، حتى ان بعضهم قال في هذه الحال: «سبحاني ما اعظم شأني»[2]؟ و قال غيره: «انا الحق». و قال غيره: «ليس في الثوب الا اللّه»[3] و اما الشيخ ابو حامد الغزالي، رحمة اللّه عليه، فقال متمثلا عند وصوله الى هذا الحال بهذا البيت:

«فكان ما كان مما لست اذكره‌

فظنّ خيرا و لا تسأل عن الخبر»

[4] و انما ادبته المعارف و حذقته العلوم‌[5].


[1] - الحكمة المشرقية: لقد اختلفت الآراء- لا سيما بين المستشرقين- في تفسير معنى الحكمة المشرقية: فمن قائل يقول انها تعني الحكمة المشرق، و ذلك مقابل لكلمة المغاربة، و المقصود بهم اليونان.

او لانها تعني حكمة القسم الشرقي من الدولة الاسلامية، اذ ان ابن سينا فارسي، و فارس تقع في القسم الشرقي من بغداد التي كانت عاصمة الدولة العباسية.- و من قائل يقول انها تعني حكمة الاشراق. فيرد معترض و يقول: لو كانت تعني الاشراق لأطلق عليها اسم الحكمة الاشراقية لا المشرقية. و لكنا نجد انه سواء عنت حكمة المشرق او حكمة الاشراق فالمقصود واحد، و هو الاشراق، هذا المذهب الذي ادخله الفارابي في الفكر الاسلامي و اعتنقه من بعده ابن سينا الذي تتلمذ للفارابي عن طريق مؤلفاته الفلسفية.

[2] - ينسب هذا الكلام لابي يزيد البسطامي.

[3] - هذا الكلام للحلّاج. و مثل هذه الاقوال تدل على مذهب وحدة الوجود.

[4] - يذكر الغزالي هذا البيت في كتابه« المنقذ من الضلال» في كلامه عن طرق الصوفية.

[5] - الشائع في الاستعمال قولهم« حذق في العلوم» لا حذقته العلوم، كما يذكر هنا ابن طفيل.

نام کتاب : حى بن يقظان نویسنده : ابن طفيل    جلد : 1  صفحه : 16
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست