وَ اعْلَمُوا أَيُّهَا النَّاسُ أَنَّهُ مَنْ مَشَى عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ فَإِنَّهُ يَصِيرُ إِلَى بَطْنِهَا وَ اللَّيْلُ وَ النَّهَارُ يُسَارِعَانِ فِي هَدْمِ الْأَعْمَارِ إِيَّاكَ وَ الْخَدِيعَةَ فَإِنَّهَا مِنْ خُلُقِ اللِّئَامِ لَيْسَ كُلُّ طَالِبٍ يُصِيبُ وَ لَا كُلُّ غَائِبٍ يَئُوبَ مَنْ أَسْرَعَ فِي الْمَسِيرِ أَدْرَكَ الْمَقِيلَ اسْتُرْ عَوْرَةَ أَخِيكَ لِمَا يَعْلَمُهَا فِيكَ مَنْ غَضِبَ عَلَى مَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى ضَرِّهِ طَالَ حُزْنُهُ وَ عَذَّبَ نَفْسَهُ مَنْ خَافَ رَبَّهُ كَفَّ ظُلْمَهُ مَنْ لَمْ يَعْرِفِ الْخَيْرَ مِنَ الشَّرِّ فَهُوَ كَمَنْزِلَةِ الْبَهِيمَةِ إِنَّ مِنَ الْفَسَادِ إِضَاعَةَ الزَّادِ مَا أَصْغَرَ الْمُصِيبَةَ مَعَ عِظَمِ الْفَاقَةِ غَداً هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ مَا تَنَاكَرْتُمْ إِلَّا لِمَا فِيكُمْ مِنَ الْمَعَاصِي وَ الذُّنُوبِ فَمَا أَقْرَبَ الرَّاحَةَ مِنَ التَّعَبِ وَ الْبُؤْسَ مِنَ النَّعِيمِ وَ مَا شَرٌّ بِشَرٍّ بَعْدَهُ الْجَنَّةُ وَ مَا خَيْرٌ بِخَيْرٍ بَعْدَهُ النَّارُ وَ كُلُّ نَعِيمٍ دُونَ الْجَنَّةِ مَحْقُورٌ وَ كُلُّ بَلَاءٍ دُونَ النَّارِ عَافِيَةٌ وَ تَصْفِيَةُ الْعَمَلِ أَشَدُّ مِنَ الْعَمَلِ وَ تَخْلِيصُ النِّيَّةِ مِنْ فَسَادِهَا أَشَدُّ عَلَى الْعَامِلِينَ مِنْ طُولِ الِاجْتِهَادِ هَيْهَاتَ لَوْ لَا التُّقَى لَكُنْتُ أَدْهَى الْعَرَبِ
وَ مِنْ كَلَامِهِ أَيْضاً ع أَلَا وَ إِنِّي فِيكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ كَهَارُونَ فِي آلِ فِرْعَوْنَ وَ كَبَابِ حِطَّةٍ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ وَ كَسَفِينَةِ نُوحٍ ع فِي قَوْمِ نُوحٍ وَ إِنِّي النَّبَأُ الْأَعْظَمُ وَ الصِّدِّيقُ الْأَكْبَرُ وَ عَنْ قَلِيلٍ سَتَعْلَمُونَ مَا تُوعَدُونَ وَ هَلْ هِيَ إِلَّا كَلُعْقَةِ الْآكِلِ وَ مَذْقَةِ الشَّارِبِ وَ خَفْقَةِ[1] الْوَسْنَانِ
وَ مِنْ كَلَامِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ع لِبَعْضِ أَصْحَابِهِ إِذَا رَأَيْتَ السُّلْطَانَ يَحْتَكِرُ الطَّعَامَ وَ رَأَيْتَ أَمْوَالَ ذِي الْقُرْبَى يُقْسَمُ فِي الزُّورِ وَ يُتَقَامَرُ بِهَا وَ يُشْرَبُ بِهَا الْخُمُورُ وَ رَأَيْتَ الْخَمْرَ يُتَدَاوَى بِهَا وَ تُوصَفُ لِلْمَرِيضِ يَسْتَشْفِي بِهَا وَ رَأَيْتَ النَّاسَ قَدِ اسْتَوَوْا فِي تَرْكِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَ النَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ تَرْكِ التَّدَيُّنِ بِهِ وَ رَأَيْتَ الْمَنَابِرَ يُؤْمَرُ عَلَيْهَا بِالتَّقْوَى وَ لَا يَعْمَلُ الْقَائِلُ بِمَا يَأْمُرُ وَ رَأَيْتَ الصَّلَاةَ قَدِ اسْتُخِفَّ بِأَوْقَاتِهَا وَ رَأَيْتَ الصَّدَقَةَ بِالشَّفَاعَةِ لَا يُرَادُ بِهَا وَجْهُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ تُعْطَى لِطَلَبِ النَّاسِ وَ رَأَيْتَ النَّاسَ هِمَّتُهُمْ بُطُونُهُمْ وَ فُرُوجُهُمْ لَا يُبَالُونَ بِمَا أَكَلُوا وَ مَا نَكَحُوا وَ رَأَيْتَ الدُّنْيَا مُقْبِلَةً عَلَيْهِمْ وَ رَأَيْتَ أَعْلَامَ الْحَقِّ قَدْ دَرَسَتْ فَكُنْ عَلَى حَذَرٍ وَ اطْلُبْ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ النَّجَاةَ وَ اعْلَمْ أَنَّ النَّاسَ فِي سَخَطِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ إِنَّمَا يُمْهَلُ لَهُمْ لِأَمْرٍ يُرَادُ بِهِمْ فَكُنْ مُتَوَقِّياً
[1] خفقة الوسنان: تحريك راسه عند ما كان في الوسن.