الجزء الثاني
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَصَبَانِيُّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ الثَّقَفِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَلْخٍ الْمِنْقَرِيُّ عَنْ شَرِيكٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الْيَشْكُرِيِّ عَنْ قُدَامَةَ الْأَوْدِيِّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الصَّلْعِيِّ وَ كَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ قَالَ لَمَّا كَثُرَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ قُتِلَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ تَخَوَّفْتُ عَلَى نَفْسِي الْفِتْنَةَ فَاعْتَزَمْتُ عَلَى اعْتِزَالِ النَّاسِ فَتَنَحَّيْتُ إِلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ فَأَقَمْتُ فِيهِ حِيناً لَا أَدْرِي مَا فِيهِ النَّاسُ مُعْتَزِلًا لِأَهْلِ الْهُجْرِ وَ الْأَرْجَافِ[1] فَخَرَجْتُ مِنْ بَيْتِي لِبَعْضِ حَوَائِجِي وَ قَدْ هَدَأَ اللَّيْلُ وَ نَامَ النَّاسُ فَإِذَا أَنَا بِرَجُلٍ عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ يُنَاجِي رَبَّهُ وَ يَتَضَرَّعُ إِلَيْهِ بِصَوْتٍ شَجِيٍّ وَ قَلْبٍ حَزِينٍ فَنُضْتُ[2] إِلَيْهِ وَ أَصْغَيْتُ إِلَيْهِ مِنْ حَيْثُ لَا يَرَانِي فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ يَا حَسَنَ الصُّحْبَةِ يَا خَلِيفَةَ النَّبِيِّينَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ الْبَدِيءُ الْبَدِيعُ الَّذِي لَيْسَ مِثْلَكَ شَيْءٌ وَ الدَّائِمُ غَيْرُ الْغَافِلِ وَ الْحَيُّ الَّذِي لَا يَمُوتُ أَنْتَ كُلَّ يَوْمٍ فِي شَأْنٍ أَنْتَ خَلِيفَةُ مُحَمَّدٍ وَ نَاصِرُ مُحَمَّدٍ وَ مُفَضِّلُ مُحَمَّدٍ أَنْتَ الَّذِي أَسْأَلُكَ أَنْ تَنْصُرَ وَصِيَّ مُحَمَّدٍ وَ خَلِيفَةَ مُحَمَّدٍ وَ الْقَائِمَ بِالْقِسْطِ بَعْدَ مُحَمَّدٍ اعْطِفْ عَلَيْهِ بِنَصْرٍ أَوْ تَوَفَّاهُ بِرَحْمَةٍ قَالَ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَ قَعَدَ مِقْدَارَ التَّشَهُّدِ ثُمَّ إِنَّهُ سَلَّمَ فِيمَا أَحْسُبُ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ ثُمَّ مَضَى فَمَشَى عَلَى الْمَاءِ فَنَادَيْتُهُ مِنْ خَلْفِهِ كَلِّمْنِي يَرْحَمُكَ اللَّهُ فَلَمْ يَلْتَفِتْ وَ قَالَ، الْهَادِي خَلْفَكَ فَاسْأَلْهُ عَنْ أَمْرِ دِينِكَ فَقُلْتُ مَنْ هُوَ يَرْحَمُكَ اللَّهُ فَقَالَ وَصِيُّ مُحَمَّدٍ مِنْ بَعْدِهِ فَخَرَجْتُ مُتَوَجِّهاً إِلَى الْكُوفَةِ فَأَمْسَيْتُ دُونَهَا فَبِتُّ قَرِيباً مِنَ الْحِيرَةِ فَلَمَّا أَجَنَّنِي اللَّيْلُ إِذَا أَنَا بِرَجُلٍ قَدْ أَقْبَلَ حَتَّى اسْتَتَرَ بِرَابِيَةٍ[3] ثُمَّ صَفَّ قَدَمَيْهِ فَأَطَالَ الْمُنَاجَاةَ وَ كَانَ
[1] الهجر بالضم: القبيح من الكلام. الهذيان^ الارجاف بالفتح: واحد الاراجيف و هى الاخبار المختلفة الكاذبة السيئة و ارجف القوم ارجافا أكثروا من الأقوال الكاذبة و الاخبار السيئة حتى يضطرب الناس فيها.
[2] ناض الشيء نوضا من باب نصر: تحرك.
[3] الرابية كالربوة: ما ارتفع من الأرض و الجمع روابى.