نام کتاب : مجموعة ورّام (تنبيه الخواطر و نزهة النواظر) نویسنده : ورّام بن أبي فراس جلد : 1 صفحه : 257
بيان كيفية التفكر في خلق الله تعالى
اعلم أن كل ما في الوجود
مما سوى الله تعالى من سماء و أرض و ما بينهما و ما فيهما فهو من خلق الله و كلما
في الوجود من جوهر و عرض فيها عجائب و غرائب يظهر فيها حكمة الله و قدرته و جلاله
و عظمته و إحصاء ذلك غير ممكن لأنه لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ
رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي وَ لَوْ جِئْنا
بِمِثْلِهِ مَدَداً و لكنا نشير إلى جمل منه ليكون ذلك كالمثال لما عداه
فالسماوات مشاهدة بكواكبها و شمسها و قمرها و أفلاكها و حركاتها و دورانها في
طلوعها و غروبها و الأرض بما فيها من جبالها و معادنها و أنهارها و بحارها و
حيوانها و نباتها و ما بين السماء و الأرض و هو الجو بغيومها و أمطارها و ثلوجها و
رعدها و برقها و صواعقها و قواصف ريحها فهذه الأجناس المشاهدة من السماوات و الأرض
و ما بينهما و كل جنس منها ينقسم إلى أنواع و كل نوع ينقسم إلى أقسام و يتشعب كل
قسم إلى أصناف و لا نهاية لانشعاب ذلك و انقسامه في اختلاف صفاته و هيئاته و معانيه
الظاهرة و الباطنة و جميع ذلك مجال للفكر و كل ذلك في اختلاف صفاته و هيئاته و
معانيه الظاهرة و الباطنة شاهد لله تعالى بالوحدانية دال على جلاله و كبريائه و هي
الآيات الدالة عليه و قد ورد القرآن بالحث على التفكر في هذه الآيات كما قال
تعالى إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَ
النَّهارِ لَآياتٍ[1] و كما قال وَ مِنْ
آياتِهِ من أول القرآن إلى آخره. فنذكر كيفية التفكر في بعض الآيات فمن آياته
الإنسان المخلوق من النطفة و أقرب شيء إليك نفسك و فيك من العجائب الدالة على
عظمة الله تعالى ما تنقضي الأعمار في الوقوف على عشر عشيرة و أنت غافل عنه فيا من
هو غافل عن نفسه و جاهل به كيف تطمع في معرفة غيرك و قد أمرك الله تعالى بالتدبر
في نفسك في كتابه العزيز فقال وَ فِي